استلام الصحف
{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا(71)} الأسراء.
المراد بكتابه ما كتبت الملائكة فيه وهو ما فعله في الدنيا
وأعمال كل يوم وليلة تكتب في صحيفة , فتتعدد صحف العبد الواحد وتوصل له فيؤتاها موصولة وقد ينسخ ما في جميعها في صحيفة واحدة
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِي(19) إِِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِي(20)فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ(21) } الحاقة
يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه يوم القيامة بيمينه أنه من شدة فرحه يقول لكل من لقيه هاؤم اقرءوا كتابيه أي خذوا اقرءوا كتابيه لأنه يعلم أن الذي فيه خير وحسنات محضة
فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه حين نجا يوم القيامة قد كنت موقنا في الدنيا أن هذا اليوم كائن لا محالة فهو في عيشة راضية
ومن المؤمنين من يأخذ كتابه بيمينه فيُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ويرجع إلى أهله مبسوط
{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِه ِ(7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا(9)} الانشقاق
أو لأنه ممن بدل الله سيئاته حسنات
ومن المؤمنين من يعطى كتابه بيمينه في ستر من الله فيقرأ سيئاته فكلما قرأ سيئة تغير لونه حتى يمر بحسناته فيقرؤها فيرجع إليه لونه ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات قال فعند ذلك يقول هاؤم اقرءوا كتابيه
إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيظهر سيئاته في ظهر صحيفته فيقول له أنت عملت هذا فيقول نعم أي رب فيقول له إني لم أفضحك به وإني قد غفرت لك
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِي (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِي (26) يَالَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِي (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِي (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) } الحاقة
وهذا إخبار عن حال الأشقياء إذا أعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله فحينئذ يندم غاية الندم فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية يعني موتة لا حياة بعدها , تمنى الموت ولم يكن في الدنيا أكره إليه منه [91], ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه أي لم يدفع عني مالي ولا جاهي عذاب الله وبأسه بل خلص الأمر إلي وحدي فلا معين لي ولا مجير فعندها يقول الله عز وجل خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه أي يأمر الزبانية أن تأخذه عنفا من المحشر فتغله أي تضع الأغلال في عنقه ثم تورده إلى جهنم فتصليه إياها ، الحبة من السلسلة تدخل في أسته ثم تخرج من فيه حتى لا يقوم على رجليه
ونحن أول أمة تحاسب يوم القيامة
وهذا تكريما ًمن الله بالأولوية لهذه الأمة على سائر الأمم
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{نحن آخِرُ الأمم وأول الأمم حسـاباً يوم القيامة يقال: أين الأمة الأمية بنبيها؟ فنحن الآخرون الأولون}[92]
قال النبي صلى الله عليه و سلم :
{أنتم موفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على اللـه جل وعلا}[93]
[92] ابن ماجة 4290 قال في الزوائد إسناده صحيح , صححه الألباني في الصحيحة 2374
[93] الترمذي وقال حديث حسن صححه الحاكم ووافقه الذهبي , حسنه الألباني في المشكاة 6294