الأمر بنصب الصراط
{يضرب الصراط بين ظهراني جهنم }[157]
{يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم }[158]
{يوضع الصراط مثل حد الموسى فتقول الملائكة : من تجيز [تنجي] على هذا ؟ فيقول : من شئت من خلقي ، فيقولون : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك } [159]
الصراط كالجسر وهو الممدود على متن جهنم يرده الناس جميعا ُالأولون والآخرون
وهو أدق من الشعر وأحد من السيف ، وهذا راجع إلى يسره وعسره على قدر الطاعات والمعاصي
الصراط هو جسر جهنم أي الجسر المنصوب على جهنم لعبور المسلمين عليه إلى الجنة[160]
صراط كحد السيف مثل حد الموسى أدق من الشعرة مزلة مزلقة يسقط السائر عليه
وهذا الصراط مع دقته وحدته يسع جميع المخلوقين منذ آدم إلى قيام الساعة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{يوضع الصراط بين ظهراني جهنم عليه حَسَك كحسك السعدان ثم يستجيز الناس فناج مُسَلم و مجروح به [مخدوش به] ثم ناج ومحتبس به ومنكوس فيها }[161]
{و على جسر جهنم كلاليب [ من نار ] (خطاطيف مثل السنارة التي توضع لصيد السمك) مثل شوك السعدان ، غير أنها لا يعلم قدر عظمها
إلا الله ( تشبيه الكلاليب بشوك السعدان لسرعة اختطافها وكثرة انتشارها ) فتخطف الناس بأعمالهم منهم الموبَقُ [الهالك] بعمله ، ومنهم المخردل[المصر وع] ثم ينجو }[162]
{ وترسل معه الأمانة والرحم . فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً}[163]
أي يقفان في ناحيتي الصراط ، والمعنى أن الأمانة والرحم لعظم شأنهما وفخامة ما يلزم العباد من رعاية حقهما يوقفان هناك للأمين والخائن والموصل والقاطع فيحاجان عن المحق ويشهدان على المبطل .يقومان هذا المقام لتطلبا كل من يريد الجواز على الصراط , بحقهما
فقاطع الرحم كيف يمر على الصراط
قال صلى الله عليه و سلم :
{توضع الرحم يوم القيامة لها حجنة كحجنة المغزل (صنارة صيد السمك) تتكلم بلسان طلق ذلق فتصل من وصلها وتقطع من قطعها}[164]
} الرحم شجنة من الرحمن من يصلها يصله ، ومن يقطعها يقطعه ، لها لسان طلق ذلق يوم القيامة}[165]
{تجيء يوم القيامة تتكلم بلسان طليق ذليق، فمن أشارت إليه بوصل وصله الله، ومن أشارت إليه بقطع قطعه الله }[166]
} كل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة ، إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها }[167]
قال صلى الله عليه وسلم
{ فأكون أنا أول من يجيزه} [168]
الناس يكونون في سرعة العبور على حسب مراتبهم وأعمالهم
{ فيمر أولكم كالبرق }
أي شيء كمر البرق ؟
{ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ؟ [ ثم كطرف العين] ثم كمر الريح [كأجاويد الخيل] ثم كمر الطير وشد الرجال [ يقال لهم أنجوا على قدر أعمالكم] وتجري بهم أعمالهم . ونبيكم قائم على الصراط فيقول : رب ! سلم سلم ، حتى تعجز أعمال العباد ، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً قال : وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة . مأمورة تأخذ من أمرت به ،فمسلم ناج ومخدوش ناج ومكدوس في النار ( منكفئ في قعرها ) حتى يمر أحدكم فيسحب سحباً }[169]
أن المارين على الصراط ثلاثة أصناف : ناج بلا خدش ، وهالك من أول وهلة ، ومتوسط بينهما يصاب ثم ينجو
والناس في مرورهم على الصراط على قدر ما أُعطوا من نور ، أي على قدر إيمانهم
قال صلى الله عليه وسلم :
{ فيعطون نورهم على قدر أعمالهم : فمنهم من يعطي نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه ، و منهم من يعطي نوره فوق ذلك ، و منهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ، و منهم من يعطى دون ذلك بيمينه حتى يكون آخر ذلك من يعطي نوره على إبهام قدمه يضيء مرة و يطفىء مرة فإذا أضاء قدم قدمه فمشى و إذا طفىء قام فيمر و يمرون على الصراط و الصراط كحد السيف دحض. [مزلقة] مزلة فيقال : انجوا على قدر نوركم ، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ، و منهم من يمر كالطرف ، و منهم من يمر كالريح ، و منهم من يمر كشد الرجل و يرمل رملاً فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه يحبو على وجهه ويديه ورجليه يجر بيد ويعلق بيد ويجر برجل ويعلق رجل وتضرب جوانبه النار حتى يخلص فيخلصوا فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله لذي نجانا منك بعد الذي أراناك لقد أعطانا الله ما لم يعط أحداً } [170]
ثم يقول : ارفعوا رؤوسكم ، فيرفعون رؤوسهم ، فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم [171]، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ، ومنهم من يعطى نوراً مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى نوراً أصغر من ذلك حتى يكون رجلاً يعطى نوره على إبهام قدمه ، يضيء مرة ويفيء مرة ، فإذا أضاء قدم قدمه فمشى ، وإذا طفئ قام ، والرب عز وجل أمامهم ويقول : مروا فيمرون على قدر نورهم ، منهم من يمر كطرف العين ، ومنهم من يمر كالبرق ، ومنهم من يمر كالسحاب ، ومنهم من يمر كانقضاض الكواكب ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كشد الفرس ، ومنهم من يمر كشد الرجل حتى يمر الذي أعطى نوره على أبهم قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر رجل وتعلق رجل ، ويصيب جوانبه النار ، فلا يزال كذلك حتى يخلص ، فإذا خلص وقف عليها ، ثم قال : الحمد لله لقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً ، أن أنجاني منها بعد إذا رأيتها ، قال : فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل }[172]
يختلف الناس في المرور على الصراط حسب أعمالهم ، فمنهم من يمر كالريح المرسلة ، ومنهم من يمر كالبرق ، وكمر الريح ، وكمر الطير قال تعالى :
{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا(71)} مريم
وشعار المؤمنين على الصراط :ربنا سلم سلم تنطق به الرسل يدعون للمؤمنين بالسلامة
وأول من يمضي على الصراط ويقطعه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ويتبعه من بعد الأنبياء
والمنافقين يطفئ نورهم [173]يطمس الله أبصار أعدائه من يمين وشمال ويسقطون في النار و عصاة المؤمنين يأخذوا من على الصراط فيسقطوا
فيها وينجوا النبي والصالحين
{على جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله ثم يطفأ نور المنافقين ثم ينجو المؤمنون فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر
سبعون ألفا لا يحاسبون ثم الذين يلونهم كأضوإ نجم في السماء } [174]
ينجوا المؤمنين ويوقف بعض من نجا عند القنطرة للمقاصصة بينهم ثم يبقوا جميعاً منتظرين الإذن بدخول الجنة ثم يؤذن لهم فيدخلون الجنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة }[175]
[157] البخاري 806
[158] البخاري 4581 , مسلم 183
[159] الحاكم 4/586وصححه ووافقه الذهبي , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب 3626
[160] القضاء مستمر والناس يحاسبون والذين لا حساب عليهم يذهبون لعبور الصراط وكذا يعبر على إثرهم من تبين من حسابهم أنهم يستحقون الجنة ممن تم حسابهم يذهبون ليعبرون الصراط المنصوب على جهنم وكل من حُوسِبوا يذهبون ليمرون على الصراط فالمؤمنون الخلص ومن تبين من بعد حسابه أنه يدخل الجنة سواء بعمله أو بالشفاعة يعبرون الصراط على حسب أعمالهم ويتجاوزنه ثم يدخلون الجنة
وغير هؤلاء ممن تطلبهم النار تأخذهم الكلاليب من على الصراط فيسقطون في النار فتأتي شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في إخراج أناس من النار ولو قالوا لا إله إلا الله يوماً واحداً ويوضعوا في نهر الحياة أويصب عليهم من ماء الحياة ثم يدخلون الجنة ويشاركه في هذه الشفاعة الأنبياء و الملائكة والمؤمنون والصديقين والشهداء وأهل الجنة وكل هذا والله يقضي بين العباد وحساب الناس مستمر وبعد انتهاء الحساب وهذه الشفاعات تأتي رحمة أرحم الراحمين فيخرج أناس من النار لم يعملوا خيراً قط ومن بقي بعد ذلك يخلدون في النار ولا يخرجون أبداً وهم الكفار
[161] ابن ماجة 4280 , صححه الألباني في الصحيح 8189
[162] البخاري 6573
[163] مسلم 195
[164] المسند 2 / 189 ، صححه أحمد شاكر 6774 , 209 الحاكم 4 / 162 وصححه ووافقه الذهبي , صححه الألباني في الأدب المفرد 39 , 54
[165] الأدب المفرد 54 , صححه الألباني في الأدب المفرد 54
[166] الحاكم 2/330 وصححه , كنز العمال 6947
[167] البخاري في الآدب المفرد الحديث 73 صحيح الإسناد الألباني صحيح الأدب المفرد 38
[168] البخاري 6573
[169] مسلم 195
[170] الحاكم 2/376 وصححه ووافقه الذهبي , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب 3629
[171] والآن يا أخي أنت أين أنت عند الصراط ؟
أنت .أنت , أين أنت , اسأل الله أن تكون مع من يجري به عمله فيمر كالبرق أو لمح البصر ؟
اسأل الله ألا تكون مع من تخطفه الكلاليب من على الصراط ؟
أنت . أنت , أين أنت , أتكون مع من أثناء العبور عل الصراط ؟
مع من أعطى نوره كالجبل وأكثر ليعبر به ؟ اسأل الله ذلك
اسأل الله ألاتكون مع من يعطى نور على قدر إبهام قدمه والكل ناجي ؟
أنت . أنت أين أنت
اسأل الله أن تكون مع من يأتي يوم القيامة بنور كنور الشمس لأنك متمسك بصلاحك مع كثرة أهل السوء حولك
[172] الحاكم 4/589 وصححه ووافقه الذهبي , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب 3629
[173] قال صلى الله عليه وسلم : { يأتي يوم القيامة قوم نورهم كنور الشمس فقراء المهجرون الذين تتقى بهم المكاره , يموت أحدهم وحاجته في صدره يحشرون من أقطار الأرض }
المسند 2/177 , صحح إسناده أحمد شاكر 6650
{هم أناس صالحون قليل في ناس سوء كثير , من بعصيهم أكثر ممن يطيعهم }
حسنه محققوا الترغيب 4658 وقال النذري رواه أحمد والطبراني وأحد أسانيد الطبراني رواته رواة الصحيح
أنت . أنت أين أنت ؟
أنت مع المبشرين بالنور التام يوم القيامة لأنك من المشائين في ظلمة الليل إلى المساجد ؟ اسأل الله ذلك
قال صلى الله عليه و سلم :
{بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيام}
الترمذي 223 وصححه الألباني في صحيح الترغيب 310
أنت . أنت أين أنت ؟
اسأل الله أن تكون مع من يعبر الصراط إلى الجنة لأنك جعلت المسجد بيتك كلما خرجت منه تتطلع قلبك إليه حتى تعود إليه ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{المسجد بيت كل تقي وقد ضمن [تكفل] الله عز وجل لمن كان المسجد بيته بالرَّوحِ والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله , إلى الجنة}
المعجم الكبير 6254 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 325
[174] مسلم 191