حملة العرش
نزول الملائكة
يوم التلاق
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ فأرجع فأقف مع الناس, فبينما نحن وقوف, إذ سمعنا من السماء حساً شديداً, فهالنا فينزل أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس,حتى إذا دنوا من الأرض, أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم وقلنا لهم: أفيكم ربنا ؟ فيقولون: لا وهو آت
ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة, وبمثلي من فيها من الجن والإنس, حتى إذا دنوا من الأرض, أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم. وقلنا لهم: أفيكم ربنا ؟ فيقولون: لا. وهو آت, ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف حتى ينزل أهل السماوات السبع
وهو يوم التلاق يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض
{ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا(25) } الفرقان
حتى ينزل الجبار عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة}[47]
من الأمور العظيمة انشقاق السماء وتفطرها وانفراجها بالغمام وهو ظلل النور العظيم الذي يبهر الأبصار ونزول ملائكة السموات يومئذ فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر ثم يجيء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء
قال تعالى : {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ(210)} البقرة
{فيحمل عرشه يومئذ, ثمانية }[48]
للعرش صنفان من الملائكة صنف لحمله وصنف حافين حوله
{ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ(17)} الحاقة
ثمانية أملاك على صورة الأوعال ( الجبال العظام )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ أذن لي أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش أن بعد ما بين شحمة أذنه وعنقه يخفق الطير سبعمائة عام }[49]
{ أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام }[50]
{أقدامهم في تخوم الأرض السفلى , والأرض والسماوات إلى حجزهم , والعرش على مناكبهم , ولهم زجل في تسبيحهم يقولون: سبحان ذي العرش والجبروت, وسبحان ذي الملك والملكوت , سبحان الحي الذي لا يموت , سبحان الذي يميت الخلائق , ولا يموت, سبوح قدوس قدوس قدوس, سبحان ربنا الأعلى رب الملائكة والروح, سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت}[51]
حملة العرش ثمانية [52] أربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك , وأربعة يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك
{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ (7} الزمر
وترى الملائكة حافين أي محدقين من حول العرش في ذلك اليوم يسبحون بحمد ربهم متلذذين بذلك لا متعبدين به أي يصلون حول العرش شكرا لربهم
{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ(7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(8)} غافر
أخبر الله تعالى أن للعرش حملة اليوم ، ويوم القيامة ، وأن حملته ومن
حوله يسبحون ويستغفرون للمؤمنين[53]
قال الله تعالى وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمده
وذكر في الموضع الآخر أن له حملة
وجمع في موضع ثالث بين حملته ومن حوله فقال الذين يحملون العرش ومن حوله
وأخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حملة العرش الأربعة ومن حوله من الملائكة بأنهم يسبحون بحمد ربهم أي يتقربون بين التسبيح الدال على نفي النقائص والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح ويؤمنون به أي خاشعون له أذلاء بين يديه وأنهم يستغفرون للذين آمنوا أي من أهل الأرض ممن آمن بالغيب فقيض الله تعالى ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب و هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام
ولهذا يقولون إذا استغفروا للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما
أي رحمتك تسع ذنوبهم وخطاياهم وعلمك محيط بجميع أعمالهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك
أي فاصفح عن المسيئين إذا تابوا وأنابوا وأقلعوا عما كانوا فيه وأتبعوا ما أمرتهم به من فعل الخيرات وترك المنكرات
وقهم عذاب الجحيم أي وزحزحهم عن عذاب الجحيم وهو العذاب الموجع الأليم
ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم أي اجمع بينهم لتقر بذلك أعينهم بالاجتماع في منازل متجاورة كما قال تبارك وتعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ (21)} الطور
أي ساوينا بين الكل في المنزلة لتقر أعينهم وما نقصنا العالي حتى يساوي الداني بل رفعنا ناقص العمل فساويناه بكثير العمل تفضلا منا ومنة [54]
فهذا كان تسبيح حملة العرش ومن حوله لله , ودعائهم للمؤمنين
وأما عن العرش فالله أعلم هل المراد بهذا العرش ، العرش العظيم أو العرش الذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء
والعرش غير الكرسي ، ما الكرسي في العرش إلا كحلقة في فلاة (صحراء)
والكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى
{ فيضع الله كرسيه حيث يشاء من أرضه }[55]
{ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا (17)} الحاقة
الملائكة على نواحي الأرض ينتظرون ما يؤمرون به في أهل النار من السوق إليها وفي أهل الجنة من التحية والكرامة
[47] حديث الصور
[48] حديث الصور
[49] أبو داود 4727 , الألباني صححه في صحيح سنن أبو داوود 4727, وقال ابن كثير هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات
[50] الدر المنثور 7/274 وصحح إسناده الذهبي في العلو 78 , الألباني صحح إسناده في الصحيحة 151
[51] حديث الصور
[52] {إن حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله تعالى بأربعة آخرين فكانوا ثمانية }
القرطبي 17 / 255 , ذكره السيوطي في الدر المنثور 6 / 261
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { يحمله اليوم أربعة وهم يوم القيامة ثمانية }
الماوردي في تفسيره 6 /82
[53] والآن يا أخي بعدما علمت ما علمته من أمور عظيمة يخبرنا بها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أجل ألا تأخذك في هذه الدنيا غفلة فتعد للآخرة عدتها
أنت . أنت أين أنت ؟
أنت مع من تستغفر لهم حملة العرش ومن حوله لأنك كنت من أهل التقوى والصلاح ؟ أسأل الله ذلك
أم أنت مع التائبين ممن تخصهم حملة العرش ومن حوله بالأستغفار لهم وتسأل الله لهم أن ينجيهم من عذاب الجحيم ويدخلهم جنات عدن لأنهم تائبون وهذا لك ولمن صلح من آبائك وزوجاتك وأولادك ؟ لأنك كنت ممن وقع في معاصي وتبت لله توبة نصوحة وأتبعت التوبة بعمل صالح ؟ فاحمد الله على ذلك
واسأل الله ألا تكون مع الموبخين الذين يقال لهم ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ؟ لأنهم كانوا في الدنيا مصرين على معاصيهم ولا يطيعون الرحمن ويطيعون الشيطان
[54] تفسير ابن كثير 4 / 415
[55] حديث الصور