النفخة الأولى
نفخة الفزع
{وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ (87)}النمل
{فيفزع أهل السموات والأرض إلا من شاء الله , ويأمره فيطيلها ويديمها ولا يفتر
يقول تعالى:{وَمَا يَنظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ(1)}ص
فيسير الجبال , فتمر مر السحاب فتكون سراباً}[1]
{وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ(3)} التكوير
أي قلعت عن الأرض وسيرت في الهواء أي زالت عن أماكنها ونسفت فتركت الأرض قاعا صفصفا
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا(105)فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا(106)لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا(107) } طه
وقال تعالى : { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً (47) } الكهف
وقد ذكر سبحانه أحوال الجبال بوجوه مختلفة والجمع بينها أن أول أحوالها الاندكاك وهو قوله :
{ وَحُمِلَتْ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً(14) } الحاقة
أي رفعت من أماكنها ودكت
وثاني أحوالها أن تصير كالعهن المنفوش وهو قوله تعالى :
{ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ(5)}القارعة
أي الصوف الذي ينفش باليد
وثالث أحوالها أن تصير كالهباء وهو قوله تعالى :
{ وَبُسَّتْ الْجِبَالُ بَسًّا(5)فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا(6)}الواقعة
وبست الجبال بسا أي فتتت فتا صارت الجبال هباءا منبثا فكانت هباءا
منبثا الهباء الذي يطير من النار يطير منه الشرر فإذا وقع لم يكن شيئا كرهج الغبار يسطع ثم يذهب
ورابع أحوالها أن تنسف وتحملها الرياح وهو قوله تعالى :
{ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ (88) } النمل
وترى الجبال جامدة واقفة ممسكة عن الحركة وهي تمر مر السحاب أي مثل مر السحاب والمعنى إنك إذا رأيت الجبال وقت النفخة ظننتها ثابتة في مكان واحد لعظمها وهي تسير سيرا سريعا كالسحاب إذا ضربته الريح وهكذا الأجرام العظام المتكاثرة العدد إذا تحركت لا تكاد تبين حركتها صنع الله لأن مرورها كمر السحاب من صنع الله [2]
وخامس أحوالها أن تصير سرابا وهو قوله تعالى :
{ وَسُيِّرَتْ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا(20)} النبأ
تكون سرابا أي يخيل إلى الناظر أنها شيء وليست بشيء وبعد هذا تذهب بالكلية فلا عين لها ولا أثر , قال تعالى :
{ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتْ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا(14) } المزمل
وهذه الآية كأخواتها الدالة على زوال الجبال عن أماكنها يوم القيامة
وذهابها وتسييرها ونسفها أي قلعها [3]
الجبال سيرت عن وجه الأرض فاستوت مع الأرض
{ثم ترتج الأرض بأهلها رجاً}[4]
[1] حديث الصور
[2] تفسير النسفي 3 / 224
[3] فتح القدير 5 / 365 تفسير ابن كثير 4 / 283
[4] حديث الصور