القضاء للناس فيما بينهم
أولاً : القضاء للناس فيما بينهما ويشمل
1 - القضاء في الدماء
فيما يتعلق بمعاملات الخلق
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء } [94]
أول الخصوم في الدماء يوم القيامة
{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ُ(19)} الحج
{ الذين برزوا يوم بدر حمزة وعلي , وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة} ففيهم نزلت الآية [95]
وبعد ذلك
{ يأتي كل قتيل في سبيل الله ويأمر الله عز وجل كل من قتل فيحمل
رأسه تشخب أوداجه } [96]
قال صلى الله عليه وسلم :
{يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دما حتى يأتي به العرش فيقول المقتول لرب العالمين هذا قتلني فيقول الله عز وجل للقاتل تعست ويذهب به إلى النار} [97]
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول يا رب هذا قتلني فيقول الله له لم قتلته فيقول قتلته لتكون العزة لك فيقول فإنها لي ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول إن هذا قتلني فيقول الله له لم قتلته فيقول لتكون العزة لفلان فيقول إنها ليست لفلان فيبوء بإثمه}[98]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{يجيء المقتول يوم القيامة بقاتله متعلق به فيقول الله عز وجل فيم قتلتم
هذا فيقول في ملك فلان }[99]
{ فلا تبقى نفس قتلها إلا قتل بها, ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها , وكان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء رحمه }[100]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ يجيئ الظالم يوم القيامة حتى إذا كان على جسر جهنم بين الظلمة والوعرة لقيه المظلوم فعرفه وعرف ما ظلمه به ، فما يبرح الذين ظُلِمُوا يقضون من الذين ظَلَمُوا حتى يَنزِعُوا ما في أيديهم من الحسنات[101] فإن لم تكن لهم حسنات أدرك عليهم من سيئاتهم [مثل ما ظلموا] حتى يوردوا
الدرك الأسفل من النار }[102]
{وَعَنَتْ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا(111)وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا(112) }طه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{ إن المُفلِس يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسَفَكَ دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار}[103]
ويعطى خصماؤه من أصل الأجر وليس من مضاعفة الأجر لأن ذلك من فضل الله يختص به من وافى يوم القيامة مؤمناً [104]
قال صلى الله عليه وسلم :
{من مات وعليه دينار أو درهم قضي من حسناته}[105]
{ثم يقضي الله تعالى بين من بقي من خلقه حتى لا تبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها الله للمظلوم من الظالم , حتى إنه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص اللبن من الماء}[106]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{من ضرب مملوكه سوطا ظلما اقتص منه يوم القيامة} [107]
{ ينصب لكل غادر لواء يوم القيمة بقدر غدرته ولواءه عند إسته (عند مؤخرته)}[108]
قال صلى الله عليه و سلم :
{ أول خصمان جاران } [109]
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{ تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعا فإذا اقتطعه طوقه من سبع ارضين يوم القيامة } يخسف به الأرض فتصير البقعة المغصوبة في عنقه كالطوق [110]
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{ من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين}[111]
{من سرق شبرا من الأرض أو غلة جاء يحمله يوم القيامة من أسفل الأرضين }
{من أخذ من طريق المسلمين شبرا طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين} [112]
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله أن يحضره حتى يبلغ آخر سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضى بين الناس}و{كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر }[113]
{فليس حصاة من أرض يأخذها إلا طوقها يوم القيامة إلى قعرها ولا يعلم قعرها إلا الله الذي خلقها }[114]
من عدل الله يلاحق الظالمين بالعقوبة على ظلمهم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرشوة :
{والله لا يأخذ أحد منكم منها شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يحمله يوم القيامة ، فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة
لها خوار أو شاة تيعر [115] } [116]
وهذا في حق الذي يوليه الله عمل فيقول هذه لكم وهذه هدية أهديت لي
ومن أكل أموال الناس بالباطل , وهو حرام وظلم ,كما يأخذ الموظفون من الأموال العامة بغير حق فهذا هو الغلول
{ َمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ(161)} آل عمران
[94] البخاري 6533 , الترمذي 1397
[95] مسلم 3033
[96] حديث الصور
[97] الترمذي3029 وحسنه , النسائي 7/85,87 , صححه الألباني في الصحيح 8031
[98] النسائي 3460, مصطفى العدوي في الأحاديث القدسية 191 صححه لغيره , صححه الألباني في الصحيح 8029
[99] المسند 5/373 , الطبراني في الكبير 2/165 , صححه مصطفى العدوي في الأحاديث القدسية 192 , صححه الألباني في الصحيح 8032
[100] حديث الصور
[101] فكل مظلمة يقابلها عند الله مقدار من الحسنات ويقابلها أيضاً مقدار من السيئات
فالظالم يعطي من حسناته للمظلوم مقدار ما يقابل المظلمة التي ظلمه بها وهذا القدر من الحسنات ينفع المظلوم لأنه محتاج للحسنات فكلما زادت حسناته كلما ارتفعت مكانته في الجنة ارتفعت منزلته لأن الجنة درجات عظيمة
قد يكون المظلوم محتاج للحسنات عند الميزان فقد تكون حسناته أقل من سيئاته فعندما يأخذ حسنات من الظالم قدر ظلمه فقد تنفعه وترجح كفة حسناته وتدخله الجنة
فإن لم يكن عند الظالم حسنات أخذ من سيئات من ظلم منه بمقدار المظلمة
فلو كان مثلاً مقدار السيئات التي أخذها المقابل لها عذاب مائة عام في النار فترفع من المظلوم ولا يعذب عليها لأن الظالم يأخذها عنه ويعذب هو المائة عام مثلاً وإن أكثر فأكثر
والآن يا أخي أين أنت من دماء الآخرين
أنت . أنت , أين أنت
اسأل الله ألا تكون مع المجرمين من يتمنوا أن يفتدوا من العذاب بأقرب الناس إليهم زوجاتهم أولادهم إخوانه ؟ لأنهم كانوا في الدنيا يحاربون الدين وأهله
{يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ(11)وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ(12)وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ(13)وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ} المعارج
اسأل الله أن تكون مع الشهداء الذين ينفعون بشفاعتهم من أرادوا أن ينفعوه , آبائهم ، أبنائهم , أزواجهم , أقاربهم
لأنهم دافعوا عن الدين وسعوا لنشره وتصدوا للكفار والمشركين والمنافقين , قال صلى الله عليه وسلم :
{الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته }
أبو داود 2522 , ابن حبان 4641 , صححه الألباني في صحيح الجامع 3747
{أتدرون ما المُفلِس ؟ المُفلِس فينا من لا درهم له ولا متاع ؟
إن المُفلِس يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسَفَكَ دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته ، قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار}
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئآت أخيه فطرحت عليه }
البخاري 6534 , الترمذي 2419 , ابن ماجه 2414
يؤخذ بيد العبد فينصب على رؤوس الناس وينادي مناد : هذا فلان ابن فلان فمن كان له حق فليأت ، فيأتون فيقول الرب : آت هؤلاء حقوقهم ، فيقول : يا رب فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم ، فيقول للملائكة : خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته ، فإن كان ناجياً وفضل من حسناته مثقال حبة من خردل ضاعفها الله حتى يدخله بها الجنة عزاه ابن حجر في الفتح 11 / 405 لأبن أبي الدنيا من حديث ابن مسعود
أين أنت من ظلم العباد ؟
أنت . انت , أين أنت اسأل الله أن تكون مع من يتحلل من مظالمه للآخرين ؟ فلا يخاف على حسناته يوم القيامة
احذر أن تكون مع الظلمة المُفلسين ؟ الخاسرين حسناتهم ؟
مع من أنت اسأل الله أن تكون مع الآمنون من الفزع في الآخرة لأنهم كانوا يجمعون الحسنات بأعمالهم الصالحات ؟
{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ(89)} النمل
اسأل الله ألا تكون مع من يكب وجوههم في النار لأنه جرى وراء أهوائه وشهواته فنكب في المعاصي والمنكرات فلم يحصد إلا السيئات ؟
{وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(90)} النمل
{رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس بين يديه فقال يا رسول الله إن لي مملوكين يَكذبونني ويَخونونني ويَعصونني وأضربهم وأشتمهم فكيف أنا منهم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم فإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك وإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا لك ولا عليك وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل الذي بقي قبلك } فجعل الرجل يبكي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهتف وقال الرجل يا رسول الله ما أجد شيئا خيرا من فراق هؤلاء يعني عبيده أشهدك أنهم كلهم أحرار}
أحمد 6/280 والترمذي 3165 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 3606
[102] المجمع 10/354 رواه الطبراني في الأوسط ورجاله وثقوا , ضعفه الألباني في الترغيب 2101 , الترغيب 5284 حسن
[103] مسلم 2581 , الترمذي 2418
يعطى خصماء المؤمن المسيء من أجر حسناته ما يوازي عقوبة سيآته فإن فنيت حسناته أخذ من خطايا خصومه فطرحت عليه ثم يعذب إن لم يعف عنه ، فإذا انتهت عقوبة تلك الخطايا أدخل الجنة بإيمانه ،
[104] نقله ابن حجر في الفتح 11 / 404 عن البيهقي مع تصريف
[105] ابن ماجة 2414 , صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 2414
[106] حديث الصور
[107] المجمع 10/353 رواه البزار3454 والطبراني بإسناد حسن , صححه الألباني في صحيح الترغيب 3607
[108] الترمذي 2191 وقال حسن صحيح , صححه الألباني في الصحيح 2642
[109] المسند 4/151 , المجمع 8/170 رواه أحمد والطبراني وأحدى إسنادى الطبراني رجاله رجال الصحيح , حسنه محققوا الترغيب 3764
[110] المسند 5/341 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 1869
[111] البخاري 2453
[112] الطبراني الكبير 2/153 , ابن حجر قال وإسناده حسن , ضعفه الألباني في الترغيب 1172
[113] المسند 4/173 , الطبراني الكبير 22/270 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 1868
[114] المسند 1/397 , ضعفه الألباني في الترغيب 1171 , حسنه محققوا الترغيب 2785
[115] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ من عمل منكم لنا على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه فهو غال يأتي به يوم القيامة}سلم 1833
[116] البخاري , مسلم 1831