الكوثر حوض النبي صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه و سلم :
{ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1)} الكوثر
أتدرون ما الكوثر ؟
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
{إنه نهر وعدنيه ربي عز وجل , عليه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة}[176]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{أمامكم حوض }[177]
{ أصبروا حتى تلقوني على الحوض } [178]
{أنا فَرَطُكُم على الحوض}[179] أنا سابقكم إليه , المهييء له
{ إني فَرَطُكُم وإني مكاثر بكم }[180]
{ ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي}[181]
{إن قدر حوضي كما بين أَيلَة وصنعاء اليمن }[182]
{ما بين ناحيتي حوضي كما بين أيلة إلى صنعاء ، عرضه كطوله ، فيها ميزا بان ينبعثان من الجنة من ذهب وفضة، أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، فيه أباريق عدد نجوم السماء}[183]
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{إن لكل نبي حوضا يتباهون به أيهم أكثر واردة وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردة }[184]
ويختص حوض نبينا بأنه الكوثر الذي يصب من مائه في حوضه
هذه هي مواصفات حوض النبي صلى الله عليه و سلم وآنيته ومائه
1 - طوله مثل عرضه , زواياه سواء يعني مربع , مسافة طوله من الشام إلى اليمن , مسيرة شهر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{ حوضي كما بين عدن وعمّان }[185]
{ عرضه كطوله }[186]
مسافاته
قال صلى الله عليه و سلم :
{ حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء }[187]
وهذا يدل على كُبره وسعته واتساعه وتباعد جوانبه
2 - آنيته , كيزانه , أكوابه , أبريقه مثل نجوم السماء وبعدد النجوم من الذهب والفضة
قال صلى الله عليه وسلم :
{ترى فيه الآنية مثل الكواكب }[188]
{ترى فيه أباريق الذهب والفضة كعدد النجوم }[189]
{كيزانه كنجوم السماء }[190]
{أكاويبه عدد نجوم السماء}[191]
3 – منبع ماؤه . ماؤه يأتيه من الجنة يسير من خلال ميزا بان أحدهما من ذهب والآخر فضة
قال صلى الله عليه وسلم :
{ فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق }[192]
4 - لون ماؤه . أبيض من اللبن والثلج
قال صلى الله عليه وسلم :
{ أشد بياضاً من اللبن }[193]
{ أشد بياضاً من الثلج}[194]
5 – طعم ماؤه . أحلى من اللبن المحلى بالعسل وأحلى مذاقة من العسل
قال صلى الله عليه وسلم :
{أحلى من العسل باللبن }[195]
{أحلى مذاقة من العسل }[196]
6 – رائحة ماؤه . أطيب من رائحة المسك
قال صلى الله عليه وسلم :
{ وريحه أطيب من المسك }[197]
7 – برودة ماؤه . ماؤه أشد برداً من الثلج
قال صلى الله عليه وسلم :
{ أبرد من الثلج }[198]
8 – أبرد من الثلج لكنه غير مجمد لين كالزبد
قال صلى الله عليه وسلم :
{ وألين من الزبد }[199]
9 – عن ميزة شرابه . من يشرب منه لا يظمأ بعدها أبداً , ولا يسود وجهه
قال صلى الله عليه وسلم :
{من مرّ عليّ شرب ومن شرب لم يظمأ أبداً } [200]
{من شرب منه شربة لم يظمأ أبداً ومن لم يشرب منه لم يروى أبدا} [201]
{ من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ولم يسود وجهه }[202]
والنبي صلى الله عليه و سلم فَرَطُنا على الحوض , فهو يعرفنا يوم القيامة ببياض الوجه غراً , وببياض الأيدي والأرجل محجلين , وبمواضع الوضوء فكلها بياض
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ إن حوضي أبعد من أيلة من عدن ، لهو أشد بياضاً من الثلج ، وأحلى من العسل باللبن ، ولآنيته أكثر من عدد النجوم ، وإني لأصد الناس عنه كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه } أيعرفنا يومئذ ؟ {نعم . لكم سيما ليست لأحد من الأمم . تردون علي غراً محجلين من أثر الوضوء } [203]
قال صلى الله عليه وسلم :
{ فأنظر إلى بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم ومن خلفي مثل ذلك وعن يميني مثل ذلك وعن شمالي مثل ذلك } يعرف أمته من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمته {أنهم غر محجلون من أثر الوضوء ليس أحد كذلك غيرهم وأعرفهم إنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفهم يسعى بين أيديهم ذريتهم }[204]
قال صلى الله عليه وسلم :
{ ليرِدَنَّ عليَّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يُحال بيني وبينهم } [205]
فكل من ترك الطاعة واتبع المعصية تأخذه الملائكة من على الحوض إلى النار
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{بينا أنا قائم على الحوض إذا زمرة ، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله ، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم( أي عادوا من الطاعة إلى المعصية ) القهقرى. ثم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، قلت أين؟ قال: إلى النار والله ، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم} ومعناه الناجي قليل كضالة النعم [206]
الحوض طوله شهر وعرضه شهر فهذا الطول والسعة لا يحيل امتداده وراء الجسر فيرده المؤمنون قبل الصراط وبعده [207]
ومنهم من تأخذه الملائكة قبل أن يصل إلى الحوض
قال صلى الله عليه وسلم :
{ وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون . فأقول : يا رب ! هؤلاء من أمتي . فيجيبني ملك فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟ }[208]
{فأقول سحقاً سحقاً لمن غير بعدي }[209]
أي بعدا ًلمن غير بعدي
المنافقون والمرتدون ممن يحشروا بالغرة والتحجيل يناديهم النبي صلى الله عليه وسلم للسيما العلامة التي عليهم , فيقال ليس هؤلاء مما وعدت بهم أن هؤلاء بدلوا بعدك أي لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{إني على الحوض ، أنتظر من يرد علي منكم [210]، فوالله! ليقتطعن دوني رجال، فلأقولن: أي رب! مني ومن أمتي ، فيقول: إنك لا تدري ما
عملوا بعدك ، ما زالوا يرجعون على أعقابهم}[211]
كل من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله فهو من المطرودين المبعدين عن الحوض وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وكذا الظلمة المسرفون في الجور والظلم وطمس الحق وإذلال أهله , والمعلنون بكبائر الذنوب المستخفون بالمعاصي [212]
[176] مسلم 4/334 , النسائي 903
[177] البخاري 6577
[178] البخاري معلقاً باب في الحوض 53
[179] البخاري 6589
[180] ابن ماجة 3944 , صححه ابن حجر في الفتح 11/479
[181] البخاري 6588
[182] البخاري 6580
[183] ابن حبان المجمع 3/367رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح الطبراني , صححه الألباني في صحيح الترغيب 325 , 3621
[184] الطبراني في الكبير 7/212 , ابن أبي عاصم 2/327-328 , الصحيحة 1589 قال الألباني الحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح الترمذي 2443 , صححه لشوهده محقق معارج القبول 2/880 , ابن حجر في الفتح 11/ 475 المرسل أصح
[185] المجمع 10/366 , صححه الألباني في الصحيحة 1082
[186] المجمع 3/367رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح الطبراني , صححه الألباني فيالترغيب 3621
[187] البخاري 6579 مسلم 2292
[188] البخاري 6592
[189] البخاري 6591 , مسلم 2303
[190] البخاري 6579 , مسلم 2292
[191] مسلم 2301
[192] مسلم 2301 , الترمذي 2444
[193] مسلم 2301 , الترمذي 2444
[194] مسلم 3/129
[195] مسلم 3/129
[196] المسند 5/250 ابن حبان 7246 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 3614
[197] البخاري 6579 مسلم 2292
[198] المجمع 3/367رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح الطبراني , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب 3616
[199] الحاكم 1/148 وصححه
[200] البخاري 6583
[201] البزار 3484 , حسنه محققوا الترغيب 5294
[202] المسند 5/250 ابن حبان 7246 , صححه الألباني في الرغيب
[203] مسلم 3/130
[204] المسند 5/199 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 173
[205] البخاري 6583
[206] البخاري 6587 الترغيب 5304
[207] قاله الحافظ الحكمي في معارج القبول 2 / 773 بعد أن ذكر أقوال القائلين أن الحوض قبل الصراط والقائلين أنه بعده
[208] مسلم 3/130
[209] البخاري 6584
[210] عن زيد بن أرقم قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلنا منزلاً فقال صلى الله عليه و سلم : {ما أنتم جزء من مائة ألف جزء ممن يرد على الحوض } قيل كم كنتم يومئذ ؟ قال : سبعمائة أو ثمانمائة
أبو داوود 4746 صحح إسناده الألباني في المشكاة 5593
هذا الحديث قد يكون فيه تحديد عدد من يرد الحوض فلو أخذنا بالثمانمائة كجزء من مائة ألف جزء يكون العدد ثمانين مليون وهو فعلاً عدد ضئيل جداً بالنسبة إلى عدد المسلمين فيكون كما قال صلى الله عليه وسلم : { فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم} ومعناه الناجي قليل كضالة النعم
والآن يا أخي
أنت . أنت , أين أنت يوم العطش من حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
اسأل الله أن تكون مع من يشرب منه فلا يظمأ بعدها أبدا , ولم يسود وجهه أبدا ؟
واحذر أن تكون مع من حرم منه فلا يروا أبدا ؟
أنت . أنت أين أنت عندما تأخذ الملائكة أناس للنار من على الحوض , ويصدون آخرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يصلون الحوض
واحذر أن تكون مع من يقول صلى الله عليه وسلم فيهم يارب ! مني ومن أمتي ، فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك ؟ وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟ أنهم بدلوا في دينهم ، عادوا من الطاعة إلى المعصية اسأل الله أن تكون مع أمثال عمر بن عبد العزيز الذي يعمل بما بلغه عن رسول الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{حوضي كما بين عدن و عمان ، أبرد من الثلج ، و أحلى من العسل ، و أطيب ريحاً من المسك ، أكوابه مثل نجوم السماء ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ، أول الناس عليه وروداً فقراء المهاجرين . قال قائل : و من هم يا رسول الله ؟ قال : الشعثة رؤوسهم ، الشحبة وجوههم ، الدنسة ثيابهم لا يفتح لهم السدد ، و لا ينكحون المتنعمات ، الذين يعطون كل الذي عليهم ، و لا يأخذون الذي لهم }
عندما سمع عمر بن عبد العزيز بهذا الحديث بعث إلي أبى سلام الحبشي راوي هذا الحديث فقال : يا أبا سلام بلغني عنك حديث تحدثه عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :حدثني ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : حوضي من عدن إلى عمان البلقاء ، ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، وأكاوبيه عدد نجوم السماء ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ، أول الناس وروداً عليه فقراء المهاجرين ، الشعث رؤساً ، الدنس ثياباً ، الذين لا ينكحون المتنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد ، قال عمر : لكني نكحت المتنعمات ، نكحت فاطمة بنت عبد الملك [أبوها خليفة و زوجها خليفة و أخوها خليفة و هذا لم يجتمع لغيرها] ، وفتحت لي أبواب السدد ، لا جرم أني لا أغسل رأسي حتى يشعث ، ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ . هؤلاء قدوتنا
مسلم 2301 صححه الألباني في صحيح الترغيب3615 , الترمذي 2444
[211] مسلم 15/56
[212] نقله الشيخ صالح الفوزان عن القرطبي والنووي عن ابن عبد البر في شرح مسلم 3/130