الشفاعة الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم
الشفاعة الكبرى
لتخليص الخلائق من كرب الموقف ولفصل القضاء
قال صلى الله عليه وسلم :
{يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم فيقول بعض الناس لبعض عليكم بآدم فيأتون آدم عليه السلام فيقولون له أنت أبو البشر }[38]
{ يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا فيقول ربي غضب غضبا لم يغضب قبلة مثله ولا يغضب بعده مثله ونهاني عن الشجرة فعصيته نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري[39] اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله عبدا شكورا أما ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما بلغنا ألا تشفع لنا إلى ربك فيقول ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبلة مثله ولا يغضب بعده مثله } [40]
يقولون يا نوح اشفع لنا إلى ربك ، فإن الله اصطفاك واستجاب لك في دعائك ولم يدع على الأرض من الكافرين دياراً
فيقول : لست لها ، ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحي ربه منها
ويذكر سؤال ربه ما ليس له به علم كان الله وعد نوحاً أن ينجيه وأهله ، فلما غرق ابنه ذكر لربه ما وعده , فقيل له : المراد من أهلك من آمن وعمل صالحاً فخرج ابنك منهم ، فلا تسأل ما ليس لك به علم
{ إنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيقولون يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول لهم إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن
يغضب بعده مثله وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات فذكرهن[41]
الأولى : قوله إني سقيم ، عندما طلب منه قومه الخروج معهم في عيدهم خارج المدينة وأراد يبقى ليكسر أصنامهم التي يعبدونها فقال أنا مريض حتى لا يخرج معهم
والثانية : قوله بعد ما كسر أصنامهم عندما سألوه من فعل بآلهتنا هذا يا إبراهيم قال فعلها كبيرهم هذا فسألوه
والثالثة : قوله لامرأته أخبريه أني أخوك عندما نزل بأرض فيها ملك جبار وأتى هذا الجبار بإبراهيم وسارة عندما علم أنها أجمل أهل الدنيا فلو قالت أن إبراهيم زوجها لقتله الجبار حتى تكون له أما إذا علم أنه أخته فلا يقتله وإبراهيم وسارة في ذلك الوقت هما فقط المؤمنين على وجه الأرض وبعد ذلك آمن لهما لوط فلو قتل إبراهيم لم يبقى أحد يعبد الله لذا قال أخبريه أني أخوك
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
{ما منها كذبة واحدة إلا ما حل ( جادل ) بها عن دين الله } [42]
فيقول إبراهيم نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى فيقولون يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه فيقول إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه }[43]
اذهبوا إلى عيسى فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد صبيا اشفع لنا ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول عيسى إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله قط ولن يغضب بعده مثله ولم يذكر ذنبا نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيأتون محمد صلى الله عليه وسلم فيقولون يا محمد أنت رسول الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{يستقرئون الأنبياء نبياً نبياً, كلما جاؤوا نبياً أبى عليهم حتى يأتوني
يجيء عيسى عليه السلام يقول : يا محمد هذه الأنبياء قد جاءتك يسألون لتدعو الله أن يفرق جمع الأمم حيث يشاء لغم ما هم فيه
فيأتوني فأقول : أنا لها ، أنا لها ، فأنطلق حتى أستأذن على ربي فيؤذن لي فأنا أول من يستفتح باب الجنة فآخذ حلقة باب الجنة
فيقرع الباب وهو أول من يقرع باب الجنة ، فيقول الخازن : من ؟ فيقول : محمد فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك فيقال : مرحباً بمحمد فيفتح له حتى يقوم بين يدي الله فيستأذن في السجود فيؤذن له
يقول صلى الله عليه و سلم {فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع فأرفع رأسي }[44]
فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه , محامد لم يحمده بها أحد قبلي ، ولا يحمده بها أحد بعدي و يلهم التحميد قبل سجوده وبعده [45]
ثم أشفع
{فأقول يا رب وعدتني الشفاعة, فشفعني في خلقك فاقض بينهم, قال الله: قد شفعتك, أنا آتيكم أقضي بينكم} [46]
فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم
[38] البخاري 4712
[39] والآن يا أخي بعدما علمت ما علمته من أمر الشفاعة , أين أنت عندما تسمع آدم يأبى الشفاعة بسبب معصية واحدة وقع فيها وقد أخبر الله أنه تاب عليه منها ؟ هل أنت مع أهل الطاعة المجتنبون للمعاصي فتستحي الله وتخشاه من هفواتك وتكون ممن يرجوا رحمة الله ؟ اسأل الله ذلك
وأحذر أن تكون مع الغارقين في المعاصي المصرين عليها ممن لا يبالي في هذا اليوم عواقب أعماله وينتظر عذابه
[40] البخاري 3340
[41] والآن يا أخي بعدما علمت ما علمته من أمر الشفاعة , أين أنت عندما تسمع إبراهيم يأبى الشفاعة بسبب ثلاث كذبات كذبهم ليجادل بهم عن دين الله ؟ هل أنت مع الصادقين ممن هداهم صدقهم إلى البر ويهديهم برهم إلى الجنة ؟ اسأل الله ذلك
واسأل الله ألا تكون من هؤلاء الكذابين الذين هداهم كذبهم إلى الفجور وفجورهم يهديهم إلى النار فلا يبالون عواقب كذبهم
[42] الترمذي 3148 وقال حسن صحيح , صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 3148
[43] البخاري 4712
[44] البخاري 4712
[45] مجموع روايات جمعها ابن حجر في الفتح 11/444-445
[46] حديث الصور