القضاء للأمم البشر
نتناول القضاء لأمم البشر حيث نحن في صدده عن القضاء بين الجن
فنتناول الحديث عن :
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{ أول من يدعى يوم القيامة آدم فتراءى ذريته فيقال هذا أبوكم آدم فيقول لبيك وسعديك فيقال أخرج بعث جهنم من ذريتك}[73]
{يقول الله عز وجل لآدم يا آدم قم فابعث بعث النار قال يا رب وما بعث النار قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار[74] وواحد
إلى الجنة} [75]
فالمسلمين قلة في الكافرين يوم القيامة فهذه الأمة تكون جزء من ألف جزء
وبعد توجيه الكلام لآدم يأتي توجيه الكلام للرسل والذين أرسلوا إليهم يقول تعالى :
{فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ(6)فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ(7)} الأعراف
يسأل الرسل والأنبياء عن أمر الله هل بلغوه وكذا أممهم هل بلغهم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ يجيء نوح وأمته فيقول الله تعالى هل بلغت فيقول نعم أي رب فيقول لأمته هل بلغكم فيقولون لا ما جاءنا من نبي [ما أتانا من نذير ] فيقول لنوح من يشهد لك فيقول محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فنشهد أنه قد بلغ } [76]
ومن بعد نوح { يجيء النبي ومعه الرجلان , ويجيء النبي ومعه الثلاثة , وأكثر من ذلك وأقل , فيقال له : هل بلغت قومك ؟ فيقول : نعم فيدعى قومه فيقال : هل بلغ هذا ؟ فيقولون : لا فيقال من شهد لك فيقول محمد وأمته فتدعى أمة محمد فيقال هل بلغ هذا فيقولون نعم فيقول وما علمكم بذلك فيقولون أخبرنا نبينا بذلك أن الرسل قد بلغوا فصدقناه فذلكم قوله تعالى :
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ (143)} البقرة} [77]
والشهداء محمد صلى الله عليه و سلم وأمته يشهدون للرسل بالبلاغ
وبعد السؤال عن التبليغ يأتي السؤال عما أجيبة الرسل
{يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ(109)} المائدة
يخاطب الله المرسلين يوم القيامة عما أجيبوا به من أممهم الذين أرسلهم إليهم كما قال تعالى:{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92)} الحجر
ماذا عملوا بعدكم وماذا أحدثوا بعدكم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب
من باب التأدب مع الرب جل جلاله. أي لا علم لنا بالنسبة إلى علمك المحيط بكل شيء فنحن وإن كنا قد أجبنا وعرفنا من أجابنا ولكن منهم من كنّا إنما نطلع على ظاهره لا علم لنا بباطنه وأنت العليم بكل شيء المطلع على كل شيء فعلمنا بالنسبة إلى علمك كلا علم , فإنك أنت علام الغيوب
ثم يأتي السؤال لمن اتخذ إله من غير الله هل كان ذلك عن أمره
فيقول الله لعيسى :
{ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ(116)مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(117)} المائدة
يسأله عن ذلك توبيخا لمن ادعى ذلك عليه ليكون إنكاره بعد السؤال أبلغ في التكذيب وأشد في التوبيخ
يخاطب الله عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه السلام بحضرة من اتخذه وأمه إلهين من دون الله , يا عيسى ابن مريم وهذا تهديد للنصارى وتوبيخ وتقريع على رؤوس الأشهاد
أي إن كان صدر مني هذا فقد علمته يا رب فإنه لا يخفى عليك شيء فما قلته ولا أردته في نفسي ولا أضمرته , تعلم ما في نفسي ولا أعلم
ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب
فيقول تعالى مجيبا لعبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه السلام , فيما أنهاه إليه من التبري من النصارى الملحدين , الكاذبين على الله وعلى رسوله , ومن رد المشيئة فيهم إلى ربه عز وجل فعند ذلك يقول تعالى :
{هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ (119)} المائدة يوم ينفع الموحدين توحيدهم
عند ذلك يأتي
[73] البخاري 6529 , مسلم 222
[74] {فابلسوا (شق ذلك على من سمع وقالوا من منا الناجي ) حتى ما أوضحوا بضاحكة فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اعملوا وابشروا فوا الذي نفسي بيده إنكم لمع خليقتين ما كانتا في شيء قط إلا كثرتاه مع يأجوج ومأجوج ومن هلك من ولد آدم وولد إبليس قال فأسرى عنهم ثم قال اعملوا وابشروا فوا الذي نفسي بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة}
البخاري 6529, 6530 , الترمذي 2159 ، و ابن ماجه في سننه 3055 و الطيالسي ص112
{ابشروا فإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا وحمدوا الله قال إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا وحمدوا الله فقال إني لأرجو الله أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا وحمدوا الله }
فأمة محمد ليست نصف أهل الجنة فقط , بل أكثر , بل الثلثان
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{أهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم}
الترمذي 2546 , ابن ماجه 4289 ابن أبي الدنيا في حسن الظن بالله 1/86 و ابن حبان 16/499 , ابن حجرفي الفتح 11/395 قال وأتم منه أخرجه الطبراني في الكبير 10/184 والصغير 1/68 , صححه الألباني في المشكاة 5644
[75] البخاري 6529, 6530 , الترمذي 2159 ، و ابن ماجه في سننه 3055 , الطيالسي ص112
[76] البخاري 3339
[77] النسائي في الكبرى 4284 , ابن ماجة 6/292 , صححه الألباني في الصحيحة 2448