الميزان
إذا انقضى الحساب أمر اللـه جلا وعلا أن ينصب الميزان فإن الحساب لتقرير الأعمال، وإن الوزن لإظهار مقدارها ليكون الجزاء بحسابه وليظهر عدل اللـه للبشرية كلها في ساحة الحساب [140]
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ[141] الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ(47)} الأنبياء
قال النبي صلى الله عليه و سلم :
{ يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسع فتقول الملائكة : يا رب لمن يزن هذا ؟ فيقول الله تعالى : لمن شئت من خلقي ، فتقول الملائكة : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك} [142]
توزن الأعمال بميزان حقيقي له لسان و كفتان يبين بها رجحان الحسنات والسيئات وبالعكس , أما كيفية تلك الموازين فهو بمنزلة كيفية ما أخبرنا به من الغيب [143]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ لو أن أهل السماوات السبع والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله } [144]
الميزان يكون لمن بقى من أهل المحشر ممن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً من المؤمنين
أعمال المؤمن المتقي توزن لإظهار فضله ،كما توزن أعمال غيره لخزيه وذله ، وتبكيتاُ له على فراغه وخلوه من كل خير [145]
1 - يوزن بها الصحائف ، تثقل بالكتب التي فيها الأعمال مكتوبة ، وبها تخف [146]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول: لا يا رب ، فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب ، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة ، فإنه لا ظلم عليك اليوم ، فتخرج بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك ، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ، فيقال: إنك لا تظلم ، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ، فلا يثقل مع اسم الله شيء}[147]
2 – يوزن بها الأعمال
قال النبي صلى الله عليه و سلم :
{ ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن خلقه } [148]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما حسن الخلق وطول الصمت }[149]
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده، فإن شبعه
وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة}[150]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم}[151]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ خمس ما أثقلهن في الميزان سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه}[152]
3 – يوزن بها المرء
فيثقل أو يخف بمقدار إيمانه ، لا بضخامة جسمه وكثرة ما عليه من لحم وشحم [153]
قال صلى الله عليه و سلم عن الكافر :
{ يؤتى بالرجل الأكول الشروب العظيم فيوزن بحبة فلا يزنها . وقال :
اقرؤوا إن شئتم : (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا(105) الكهف} [154]
فالمرء وعمله وصحيفة عمله كل ذلك يوزن [155]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ توضع الموازين يوم القيامة فيؤتي بالرجل فيوضع في كفة فيوضع ما أحصى عليه فتمايل به الميزان قال فيبعث به إلى النار قال فإذا أدبر به إذا
صائح يصيح من عند الرحمن يقول لا تعجلوا لا تعجلوا فإنه قد بقى له فيؤتي ببطاقة فيها لا إله إلا الله فتوضع مع الرجل في كفة حتى يميل به الميزان }[156]
[140] القرطبي
[141] قال ابن كثير 3/189 الميزان واحد ولكنه جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة
[142] الحاكم 4/586وصححه ووافقه الذهبي , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب 3626
[143] صالح الفوزان
[144] النسائي في الكبرى 6/209 وابن حبان 14 /102 و الطبراني في الكبير 12/254 , الحاكم 1/528 وصححه , ضعفه الألباني في الترغيب 923
[145] قيل توزن خيرات الكافر ويجزى بها إلا أن الله حرم عليه الجنة فجزاؤه أن يخفف عنه العذاب
[146] محققوا الترغيب 4/330
[147] المسند 2/213 , صحح إسناده أحمد شاكر 6994 , الترمذي 2639 و حسنه , ابن ماجة 4300 وابن حبان 1/461 , صححه الألباني في الصحيحة 135
[148] أبو داوود 4799 , الترمذي 2002 , صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2002
[149] أبي يعلى 3298 , المجمع 8/22رواه أبي يعلى والطبراني في الأوسط ورجال أبي يعلى ثقات , ضعفه الألباني في الترغيب 1708 , حسنه محققوا الترغيب 3920
[150] روى البخاري 2853 النسائي 4403
[151] البخاري 6406 , مسلم 2694
[152] المسند 5/253 , النسائي في الكبرى 6/ 50 , ابن حبان 3/ 114 , الحاكم 1/693 , صححه الألباني في الصحيحة 1204
[153] أنت . أنت .أين أنت عند الميزان و الأعمال توزن ؟
أنت مع الُْفاْلِحُينَ الذين ثَقُلَتْ مَوَازِينُهم ؟ لأنك كنت في الدنيا تطلب من الله المغفرة والرحمةُ اسأل الله ذلك
احذر أن تكون مع من خفت موازينهم فخسروا أنفسهم ودخلوا النار ؟ لأنهم نسوا ذكر الله بانشغالهم بالسخرية و الاستهزاء بأهل الصلاح
{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(102)وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ(103)تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ(104) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ(109)فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ(110)إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ(111)} المؤمنون
أم أنت مع من خَفَّتْ مَوَازِينُهُم فخَسِرُوا أَنفُسَهُمْ ودخلوا النار لأن الله مكن لهم في الأرض فلم يشكروا الله على هذه النعم وظلموا بها ؟
{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(8)وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ(9)وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ(10)} الأعراف
أنت . أنت .أين أنت ؟ في المشهد الذي يراه فيه الناس بأم أعينهم وميزانه يثقل أو يخف ؟
أنت . اسأل الله ألا تكون مع من لا يزن عند الله جناح بعوضة لسوء أخلاقه مع الله بكفره فلا يقام له يوم القيامة وزنا ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة ، لا يزن عند الله جناح بعوضة . وقال : اقرؤوا إن شئتم : (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا(105) الكهف}
البخاري 4729 , مسلم 17/ 127
اسأل الله أن تكون مع أمثال عبد الله أبن مسعود رضي الله عنه الذي قال فيه رسول الله
{أتضحكون من دقة ساقيه والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد}
المسند 1/421 صحح إسناده أحمد شاكر 3991 , حسن إسناده محقق معارج القبول 2/848
[154] أخرجه ابن جرير في تفسيره 9/35 , ابن كثير 3/113 عزاه لأبن أبي حاتم , الدر المنثور5/466 عزاه للبيهقي في الشعب , ضعفه الألباني في الترغيب 1295 , صححه محقق معارج القبول 2/ 848
[155] الحكمي في معارج القبول 2/848
[156] المسند 2/222 , صحح إسناده أحمد شاكر 7066