علاج الغضب بالجلوس أو الأضجاع
ما الغرض من الجلوس ؟
لقوله صلى الله عليه وسلم :{ إذا غضبت فاجلس }[33]
تغيير الحالة التي هو عليها إن لم يسكن غضبه وهو قائم فليجلس وإن كان جالسا اتكأ لقوله صلى الله عليه وسلم :
{إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع }[34]
فالقائم متهيئ للانتقام والجالس دونه من ذلك والمضطجع أبعد عنه فأمره بالتباعد عن حالة الانتقام
وهذا التوجيه النبوي يمنع الغاضب عن التصرفات الهوجاء لأنه قد يضرب أو يؤذي بل قد يقتل وربما يصدر منه طلاق وغير ذلك
ولأجل ذلك إذا قعد كان أبعد من الهيجان والثوران
هل الغرض من النوم لمن يستطيع كالغرض من الجلوس ؟
وإذا نام على جنبه كان أبعد ما يمكن عن هيئة الوثوب والتصرفات الطائشة والأفعال المؤذية
فإذا جلس أو اضطجع بَعُدَ أن يبدر منه في حالة قيامه أو قعوده بادرة يندم عليها فيما بعد
{ كان أبو ذر يسقي على حوض له فجاء قوم فأرادوا مساعدته فقالوا من يسقي له الإبل فقال رجل أنا , فجاء فأورد على الحوض فدقه بدل من أن يساعده في سقي الإبل حطم له الحوض وهدمه وكان أبو ذر قائماً فجلس ثم أضطجع فقيل له : يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت ؟ قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس . . . . الحديث }[35]
هل يكون العلاج بالجلوس والاضطجاع من باب العلاج بالضد ؟
في أحاديث الأمر بالجلوس والاضطجاع ما هو من باب المعالجة بالضد فالقوة الغضبية الناشئة من الوسوسة الشيطانية تقتضي الخفة والتعلية التي من خواص النار والقيام لأجل الانتقام فمخالفته بالجلوس المشير إلى القعود عن الفتنة نافعة جداً ( فإن ذهب عنه الغضب ) أي أثر حرارته وقوة مرارته بالجلوس فيها فنعم (وإلا) أي وإن لم يذهب ما به (فليضطجع) وهذه مبالغة في المعالجة مع ما فيه من الإشارة إلى رجوع الإنسان إلى مأخذه من التربة المناسبة للتواضع في مقابلة عمل الشيطان بمقتضى جبلته من الشعلة النارية المقتضية للتكبر وكل شيء يرجع لأصله
[33] صححه الألباني في صحيح الجامع 696 من رواية الخرائطي في مساوي الأخلاق
[34] أبو داود 4782 , صححه الألباني في المشكاة 5114
[35] القصة مع الرواية في مسند أحمد 5/152 , صححه الألباني في صحيح الجامع 694