العلاقة بين الغضب
هل الناس على درجة واحدة في الغضب والرضا ؟
الغضب غريزة في الإنسان فإذا جاء ما يبعثها تحركت نفسه من داخلها إلى خارج الجسد لإرادة الانتقام فالقوي الشديد هو الذي يجاهد هذه الحركة ويقوى عليها فيصدها عما تريده من الانتقام
ولما كانت طباع الناس تتفاوت في هذا المجال أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقسيماً بديعاً لها بينه في خطبة له صلى الله عليه وسلم في الناس عصر يوم من الأيام فكان مما قال لهم :
{ إن بني آدم خلقوا من طبقات شتي ألا وإن منهم بطيء الغضب سريع الفيء , ألا وإن منهم سريع الغضب سريع الفيء فتلك بتلك , ألا وإن منهم بطيء الفيء سريع الغضب ألا وإن منهم بطيء الغضب بطيء الفيء , ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء , ألا وإن منهم حسن القضاء حسن الطلب ومنهم سيئ القضاء حسن الطلب ومنهم سيئ الطلب حسن القضاء فتلك بتلك ألا وإن منهم سيئ القضاء سيئ الطلب ألا وخيرهم الحسن القضاء الحسن الطلب وشرهم سيئ القضاء سيئ الطلب ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما رأيتم حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فمن أحس بشيء من ذلك فليلتصق بالأرض) }[4]
فقسم الناس إلى أقسام أربعة :-
الأول :بطيء الغضب سريع الفيء [5]
أي سريع الرجوع إلى حالة الهدوء واعتدال المزاج وهذا خير الأقسام الثاني : سريع الغضب سريع الفيء وسرعة الغضب خلق مذموم إلا إن سرعة الفيء فضيلة محمودة فهذه بهذه أي إن إحدى الخصلتين تقابل الأخرى فلا يستحق مدحاً ولا ذماً
الثالث : بطيء الغضب بطيء الفيء أما بطء الغضب فخلق محمود يدل على الحلم لكن بطء الفيء خلق مذموم يدل على الحقد وعدم التسامح فهذه بهذه ويظهر أن هذا القسم معادل للقسم الثاني فكل منهما يشمل على خلق محمود وخلق مذموم
الرابع : سريع الغضب بطيء الفيء وهذا شر الأقسام لأنه جمع الداءين معاً فسرعة الغضب خلق مذموم وبطء الفيء خلق مذموم ويا بؤس من تلجئه الضرورة إلى معاشرة هذا القسم من الناس
وبذلك يكون الغضب في الفطرة مثله مثل كثيرٍ من الأخلاق الذميمة كالشح والعجلة التي أُمر الإنسان أن يُقّوِمها ويُهذِبها ولا يعمل بمقتضاها
[4] الترمذي 2191 وقال حسن صحيح , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب2751 , أوداجه عروقه
[5] سريع الفيء أي سريع التراجع عن الغضب إلى حالته المعتادة وفي رواية الفيء بمعنى الرضا