من يهذب سرعة غضبه
هل الذي يقوّم سرعة غضبه وبطء فيئه يبقى مذموماً كالمعنى الذي جاء في الرواية لصاحب هاتين الخصلتين ؟
معنى أن سريع الغضب بطيء الفيء هو من أشر الناس فهذا إن بقى على هذا الحال دون أن يُقوّم هاتين الخصلتين ويهذبهما لأن هذه الخصال مثل كل الخصال الذميمة التي توجد في الإنسان بالفطرة فإنه مأمور أن يُقوّمها ويهذبها كما أنه مأمور أن ينمى الأخلاق الحميدة ويقويها
وهل يؤجر الذي يقوّم خصلة الغضب لكن يغلب عليه غضبه ؟
أما أنه حاول أن يهذب خصلة الغضب لكن تغلب عليه الغضب فهو مأجور على ذلك لأنه سلك سلوك التقويم والتهذيب لكن تغلبت عليه فطرته وقهره الغضب الذي تملك عليه شعوره وملك نفسه وقلبه ولا يستطيع التخلص من شدة الغضب ولا يستطيع معه التصرف كما يتصرف في الأمور العادية وذلك مثل طلاق الغضبان فإنه لا يعتد به [6]
مادام أن الغضب قهره لأن الأحكام الشرعية بسلوكه يعني بالمقاصد والنيات وعندما يقصد تهذيب نفسه فهذا سلك مسلك الخير لكن تغلب عليه الغضب
[6] انظر فتاوى الطلاق للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ص 15وانظر كلام ابن القيم في زاد الميعاد 5/214 قال: فصل: وأما طلاق الإغلاق ، فقد قال الإمام أحمد في رواية حنبل : وحديث عائشة رضى الله عنها : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :{ لا طلاق ولا عتاق في إغلاق } يعني الغضب ، هذا نص أحمد ثم قال: الغضب على ثلاثة أقسام
أحدها : ما يزيل العقل ، فلا يشعر صاحبه بما قال ، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع
والثاني : ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده ، فهذا يقع طلاقه
الثالث : أن يستحكم ويشتد به ، فلا يزيل عقله بالكلية ، ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال ، فهذا محل نظر ، وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه