العين حق
الأحوذي باب ما جاء أن العين حق 6/ 185
أي الاصابة بالعين
شيء ثابت موجود، أو هو من جملة ما تحقق كونه. قال المازري: أخذ الجمهور
بظاهر الحديث وأنكره طوائف المبتدعة لغير معنى لأن كل شيء ليس محالاً
في نفسه، ولا يؤدي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل، فهو من متجاوزات
العقول، فإذا أخبر الشرع بوقوعه لم يكن
نكاره معنى، وهل من فرق بين إنكارهم هذا وإنكارهم ما يخبر به من
أمور الاخرة.
قوله: (أبو حفص
عمرو بن علي) هو الفلاس
الصيرفي الباهلي البصري.
(أخبرنا يحيى بن كثير) بن
درهم (أبو غسان العنبري)
مولاهم البصري، ثقة من التاسعة، ووقع في النسخة الأحمدية.
أخبرنا يحيى بن كثير أخبرنا أبو غسان العنبري بزيادة لفظ «نا» بين
أخبرنا يحيى بن كثير وأبو غسان العنبري وهو غلط.
(أخبرنا علي بن المبارك)
هو الهنائي (عن
يحيى بن كثير) هو الطائي
مولاهم أبو نصر اليمامي
(حدثني حية بن حابس)
بمهملتين، وقبل السين موحدة التميمي مقبول من الثالثة، ووهم من زعم أن
له صحبة كذا في التقريب
(حدثني أبي) أي حابس
التميمي. قال في تهذيب التهذيب في ترجمته: روى عن النبي صلى الله عليه
وسلم روى عنه إبنه حية حديث: لاشيء في الهام. صرح البخاري بسماعه من
النبي صلى الله عليه وسلم وتبعه أبو حاتم، وذكره البغوي في الصحابة
وقال: لا أعلم له غير هذا الحديث انتهى.
قوله:
(لا شيء في الهام) أي لا
شيء مما يعتقدون في الهام. قال النووي: الهامة هي بتخفيف الميم على
المشهور الذي لم يذكر الجمهور غيره، وقيل بتشديدها. قاله جماعة وحكاه
القاضي عن أبي زيد الأنصاري الامام في اللغة،
قال: وفيها
تأويلان أحدهما أن العرب كانت تتشاءم بها وهي الطائر المعروف من طير
الليل، وقيل هي البومة، قالوا كانت إذا سقطت على دار احدهم فراها ناعية
له نفسه أو بعض أهله، وهذا تفسير مالك بن أنس، والثاني أن العرب كانت
تعتقد أن عظام الميت وقيل روحه، ينقلب هامة تطير، وهذا تفسير أكثر
العلماء وهو المشهور. ويجوز أن يكون المراد النوعين فإنهما جميعاً
باطلان، فبين النبي صلى الله عليه وسلم إبطال ذلك وضلالة الجاهلية فيما
يعتقده من ذلك (والعين)
أي أثرها (حق)
لا بمعنى أن لها تأثيراً بل بمعنى أنها سبب عادي كسائر الأسباب
العادية بخلق الله تعالى عند نظر العائن إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم
أو هلكة. قال المازري: وقد زعم بعض الطبائعيين المثبتين للعين أن
العائن تنبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك أو يفسد، قالوا ولا
يمتنع هذا كما لا يمتنع انبعاث قوة سمية من الأفعى والعقرب تتصل
باللديغ فيهلك وإن كان غير محسوس لنا، فكذا العين.
قال: وهذا غير
مسلم لأنا بينا في كتب علم الكلام أن لا فاعل إلا الله تعالى، وبينا
فساد القول بالطبائع، وبينا أن المحدث لا يفعل في غيره شيئاً، وإذا
تقرر هذا بطل ما قالوه، ثم تقول هذا المنبعث من العين إما جوهر وإما
عرض فباطل أن يكون عرضاً لأنه لا يقبل الانتقال، وباطل أن يكون جوهراً
لأن الجواهر متجانسة فليس بعضها بأن يكون مفسداً لبعضها بأولى من عكسه،
فبطل ما قالوه، قال أو قرب طريقه قالها من ينتحل الاسلام، منهم أن
قالوا لا يبعد أن تنبعث جواهرلطيفة غير مرئية من العين فتتصل بالمعين
وتتخلل مسام جسمه فيخلق الله سبحانه وتعالى الهلاك عندها كما يخلق
الهلاك عند شرب السم، عادة أجراها الله تعالى وليست ضرورة ولا طبيعة
إلجاء العقل إليها. ومذهب أهل السنة أن العين إنما تفسد وتهلك عند نظر
العائن بفعل الله تعالى أجرى الله سبحانه وتعالى العادة أن يخلق الضرر
عند مقابلة هذا الشخص لشخص اخر، وهل ثم جواهر خفية أم لا؟ هذا من
مجوزات العقول لا يقطع فيه بواحد من الأمرين وإنما يقطع بنفي الفعل
عنها وبأضافته إلى الله تعالى، فمن قطع أطباء الاسلام بانبعاث الجواهر
فقد أخطأ في قطعه، وإنما هو من الجائزات
قوله: (حدثنا أحمد
بن إسحاق) بن زيد بن عبد
الله بن أبي إسحاق الحضرمي أبو إسحاق البصري ثقة. كان يحفظ من التاسعة
(أخبرنا وهيب)
بالتصغير ابن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم أبو بكر البصري ثقة ثبت
لكنه تغير قليلاً باخره من السابعة كذا في التقريب
(عن ابن طاوس) هو
عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني أبو محمد، ثقة فاضل عابد من
السادسة.
قوله:
(لو كان شيء سابق القدر)
بالتحريك أي لو أمكن أن يسبق شيء القدر في إفناء شيء وزواله قبل أوانه
المقدر له (لسبقته)
أي القدر (العين)
لكنها لا تسبق القدر، فإنه تعالى قدر المقادير قبل الخلق. قال
الحافظ: جرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين لا أنه يمكن أن يرد
القدر شيء، إذ القدر عبارة عن سابق علم الله وهو لاراد لأمره. وحاصله
لو فرض أن شيئاً له قوة بحيث يسبق القدر لكان العين لكنها لا تسبق فكيف
غيرها انتهى. قال النووي: فيه إثبات القدر وهو حق بالنصوص وإجماع أهل
السنة،
عون المعبود 10/261
باب ما جاء في العين
ـ
(والعين): أي أثرها (حق): وتحقيقه أن الشيء لا يعان إلا بعد
كماله وكل كامل يعقبه النقص، ولما كان ظهور القضاء بعد العين أضيف ذلك
إليها قاله القاري. وفي فتح الودود. والعين حق لا بمعنى أن لها تأثيراً
بل بمعنى أنها سبب عادي كسائر الأسباب العادية بخلق الله تعالى عند نظر
العائن إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم أو هلكة انتهى،
قال المنذري:
والحديث أخرجه البخاري ومسلم. وفي حديث البخاري ونهى عن الوشم
وأخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أتم
منه.
ـ
(ثم يغتسل منه المعين): هو الذي أصابه العين. قال في فتح
الودود: هو أن يغسل العائن داخل إزاره ووجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه
وأطراف رجليه في قدح ثم يصب على من أصابه العين وهو المراد بالمعين اسم
مفعول كمبيع. واختلفوا في داخلة الإزار فقيل الفرج. وقال القاضي
والظاهر الأقوى أنه ما يلي البدن من الإزار انتهى. قال الحافظ في
الفتح: وقد وقعت صفة الاغتسال في حديث سهل بن حنيف عند أحمد والنسائي
وصححه ابن حبان من طريق الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن أباه
حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو ماء حتى كانوا
بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان أبيض حسن الجسم والجلد
فنظر إليه عامر بن ربيعة فقال ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة فلبط أي
صرع وزناً ومعنى سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل
تتهمون به من أحد قالوا عامر بن ربيعة فدعا عامراً فتغيظ عليه فقال
علام يقتل أحدكم أخاه هلا إذ رأيت ما يعجبك بركت ثم قال اغتسل له فغسل
وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم يصب
ذلك الماء عليه رجل من خلفه على رأسه وظهره ثم يكفأ القدح ففعل به ذلك
فراح سهل مع الناس ليس به بأس انتهى.