تفاوت الأرواح في مستقرها بالبرزخ
الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت
فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهم متفاوتون في منازلهم
آدم عليه السلام في السماء الدنيا بنهرين يطردان النيل والفرات عنصرهما ( [1] )
السماء الثانية يحيى وعيسى عليهما السلام
السماء الثالثة يوسف عليه السلام
ا السماء الرابعة إدريس عليه السلام
السماء الخامسة هارون عليه السلام
السماء السادسة موسى عليه السلام
السماء السابعة إبراهيم عليه السلام ( [2] )
منزل المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم قصر مثل السحابة البيضاء ( [3] ) في جنة عدن وفيها دار عامة المؤمنين لم يرى أحسن منها في وسط شجرة عظيمة في روضة خضراء فيها من كل لون الربيع ودار الشهداء أحسن وأفضل في أعلى الشجرة ( [4] )
’’ الشهيد الممتحن في خيمة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة ‘‘ ( [5] )
و ’’ أرواح الشهداء في جوف طير خضر ‘‘ ’’ أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ‘‘( [6] ) ’’ لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت ( [7] )، ثم تأوي إلى تلك القناديل ‘‘ ( [8] )
ومنها لها قناديل معلقة تحت العرش تسرح ( [9] ) ومنها تأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ( [10] )
وشهداء’’ أرواحهم كطير خضر تسرح في الجنة في أيها شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش ‘‘ ( [11] )
وشهداء’’ أرواحهم في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش ‘‘( [12] )
ومن ’’ الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية ‘‘ ( [13] )
و’’ أرواح المؤمنين في أجواف طير خضر تعلق بشجر الجنة ‘‘ ( [14] )
’’ نسمة المؤمن طير ( [15] ) تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله في جسده يوم يبعثه ‘‘ ( [16] )
’’ إنما نسمة المسلم طير تعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله عز وجل إلى جسده يوم القيامة ‘‘ ( [17] )
أرواح الأطفال
’’في روضة خضراء فيها من كل لون الربيع فيها شجرة عظيمة في أصل الشجرة إبراهيم والصبيان حوله ‘‘ ( [18] )
’’بين ظهري الروضة إبراهيم عليه السلام رجل طويل يكاد يرى رأسه ’’طولاً في السماء وحوله ولدان كل مولود ولد على الفطرة ‘‘ ( [19] )
’’ذراري المؤمنين غلمان يلعبون بين نهرين‘‘ ([20])
أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت، فتأوي إلى قناديل معلقة في العرش ( [21] )
ومن الأرواح ما يكون محبوسا في الأرض لم يعل إلى الملأ الأعلى, فإنها كانت روحا سفلية أرضية, فإن الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما لا تجامعها في الدنيا، والنفس التي لم تكتسب في الدنيا معرفة ربها ومحبته وذكره والأنس به والتقرب إليه، بل هي أرضية سفلية، لا تكون بعد المفارقة لبدنها إلا هناك, كما أن النفس العلوية التي كانت في الدنيا عاكفة على محبة الله وذكره والتقرب إليه والأنس به تكون بعد المفارقة مع الأرواح العلوية المناسبة لها, فالمرء مع من أحب في البرزخ والله تعالى يزوج النفوس بعضها ببعض في البرزخ ويوم المعاد, ويجعل المؤمن مع النسم الطيب, وهي الأرواح الطيبة المشاكلة, فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وأخواتها وأصحاب عملها، فتكون معهم هناك
ومنها أرواح تكون في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة كما مر معنا
فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد، بل روح في أعلى عليين، وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض ( [22] )
[1] البخاري 7517
جاء تفاوت الأنبياء في السموات في هذه الرواية
[2] البخاري 3887
أرواح الأنبياء بعد مفارقة البدن في الرفيق الأعلى ولها إشراف على البدن وتعلق به ’’ إن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ‘‘ الآيات البينات ج 1 / ص 78 , وصححه الألباني في تحقيقه عليه
فإن ’’ الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ‘‘ البزار في مسنده 256 , صححه الألباني في الصحيحة 621
وحياة الأنبياء بعد الموت حياة برزخية فيها من الخصائص ما ليس لغيرهم
والمؤمن أيضا يصلي في قبره
فعند سؤال الملكين للمؤمن في القبر ’’ أرأيتك هذا الذي كان فيكم ما تقول فيه؟ وماذا تشهد عليه؟ فيقول: دعوني حتى أصلي، فيقولان: إنك ستفعل ‘‘ابن ماجة 4272 , ابن حبان في صحيحه781 والحاكم 1 / 379 - 380 وصححه ووافقه الذهبي , وحسنه الألباني في الترغيب 3561
وذكر القرطبي في التذكرة ج 1/ص 184 أن الأرض لا تأكل أرواح الشهداء , وقال ابن تيمية في الفتاوى 5 / 526 قد عرف أبدان كثيرة لا يأكلها التراب كأبدان الأنبياء وغيرهم من الصديقين وشهداء أحد وغير شهداء أحد والأخبار بذلك متواترة , والشيخ العثيمين رحمه الله في المجلد 2/25-26 من فتاويه قال قد حدثني بعض الناس أنهم في هذا البلد هنا في عنيزة كانوا يحفرون لسور البلد الخارجي، فمروا على قبر فانفتح اللحد فوجد فيه ميت أكلت كفنه الأرض وبقي جسمه يابساً لكن لم تأكل منه شيئاً حتى إنهم قالوا إنهم رأوا لحيته وفيها الحناء وفاح عليهم رائحة كأطيب ما يكون من المسك، فتوقفوا وذهبوا إلى الشيخ وسألوه فقال دعوه على ما هو عليه واجنبوا عنه ، احفروا من يمين أو من يسار
أما عموم أبدان الموتى فإنها تفنى’’ ليس من الإنسان شيء لا يبلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة ‘‘البخاري 935 ومسلم 18/292 , عجب الذنب هو العظم الحديد الذي يكون أسفل الصلب قال لقرطبي في التذكرة 1/184 وهو رأس العصعوص
’’ كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب ‘‘النسائي 2076 , ابن ماجة 4266 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 3574
[3] البخاري 1386, 7047 وفيه قولا جبريل وميكائيل للنبي صلى الله عليه وسلم‘‘ إنه بقى لك عمر لم تستكمله فلو استكملت أتيت منزلك’’ وفي الرواية الثانية ‘‘وأنت داخله’’
‘‘في السماء قصر من لؤلؤ وزبرجد على نهر الكوثر’’البخاري 7517
[4] البخاري 1386, 7047
[5] ‘‘ الدارمي 2/ 206-207 , صححه الألباني في المشكاة 3859
’’ القتلى ثلاثة مؤمن جاهد نفسه وماله في سبيل الله فإذا لقي العدو قاتل حتى يقتل قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه فذلك الشهيد الممتحن في خيمة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة ومؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا جاهد بنفسه وماله في سبيل الله إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه ممصمصة محت ذنوبه وخطاياه إن السيف محاء للخطايا وأدخل من أي أبواب الجنة شاء ومنافق جاهد بنفسه وماله فإذا لقي العدو قاتل حتى يقتل فذاك في النار إن السيف لا يمحو النفاق ‘‘
[6] الدارمي 2/206 , صححه الألباني في الصحيحة 2633
[7] الأرواح تسرح في الجنة في الحياة البرزخية , أما دخول الجنة في الحياة الأخرة بعد البعث يكون للبدن والروح معاً في أعظم اكتمال لهما
[8] مسلم 6 / 38 - 39 الأحوذي في شرح الترمذي 8/288 والدارمي2 / 206 وابن ماجه 2 / 185 والبيهقي في الشعب 4 / 19 - 20 والطيالسي 38 /294
[9] صححه الألباني في صحيح الجامع 1558 , 2438
[10] أبو داوود 2520 , صححنه الألباني في صحيح الجامع 9336
[11] ابن ماجة 1449 , صححه الألباني في الصحيحة 2633
[12] الترمذي 3011 , صححه الألباني في الصحيحة 1384
[13] المسند 1/266 , صححه الألباني في الترغيب 1378
هذه أرواح مقرها بباب الجنة ومن الأرواح ما يكون محبوسا في قبره كصاحب الشملة التي غلها ثم استشهد ’’ إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا ‘‘ أبو داوود 2711 , صححه الألباني في سنن أبي داود
ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضا, فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضا، لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها، وأنها لها شأنا غير شأن البدن.
وأن منها مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية، ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة ونعيم وألم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير, فهنالك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة، وهنالك اللذة والراحة والنعيم والإطلاق
[14] مسلم 1887 , المسند 1/266 وصححه أحمد شاكر 2390 وحسنه الألباني في صحيح الترغيب 1378
[15] الأرواح منها ما تكون على شكل طائر في الجنة ومنها ما تكون في أجواف طير خضر فهي كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين فيكون الطائر مركبا للروح كالبدن لها ويكون لبعض المؤمنين والشهداء , والتي تكون كالطير تطير بأنفسها والتي في جوف الطير تسرح بها فهي أفضل لأنها محمولة
[16] ابن ماجة 4271 , صححه الألباني في المشكاة 1632
[17] المسند 3 / 455 , صححه الألباني في الصحيحة 2 / 730
الروح تبقى بعد مفارقة البدن وهذه الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله تعالى في أجسادها قد دلت على أن الأرواح لا تموت فإنها خلقت للبقاء وإنما تموت الأبدان ولو ماتت الأرواح لانقطع عنها النعيم والعذاب ذكر ذلك ابن تيمية في مجموع الفتاوى 4 / 262 - 270 وصرح به 4 / 292
أما الموت عند نفخة الصعق فإن الله يحكم على كل الخلق بالموت بما فيهم الروح الأمين جبريل عليه السلام وملك الموت نفسه ولا يبقى إلا الواحد القهار الذي بيده الأمر كله حتى يأمر بالبعث وإنبات الأجساد وإعادة كل روح إلى جسدها
[18] البخاري 1386, 7047
[19] البخاري 7047
[20] ابن خزيمة 1986 , ابن حبان 7448 , صححه الألباني في صحيح الترغيب 2393 وقال الحافظ بن حجر ولا علة له وجود إسناد الطبراني 12/ 460
‘‘ذراري المؤمنين يكفلهم إبراهيم في الجنة’’ صحيح ابن حبان ج 30 / ص 417
‘‘ ذراري المؤمنين يحصنهم إبراهيم ’’ مسند الشاميين للطبراني ج 2 / ص 275
[21] ذكره ابن كثير في تفسير الآية 46 من سورة غافر موقوفاً على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
ويشهد له حديث عائشة أم المؤمنين قالت ‘‘دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار فقلت يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه قال أو غير ذلك يا عائشة ُ’’ مسلم 16/428 , النسائي 1946 , ذكر السندي في شرح الحديث أن النووي قال أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة
[22] ذكر ذلك الشيخ الفوزان في الإرشاد 241 من كلام ابن القيم
وبذلك يكون ميت مستريح وميت مستراح منه كما بين النبي صلى الله عليه وسلم’’ المؤمن يموت فيستريح من مصائب الدنيا ونصبها وأذاها والفاجر يموت فيستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب ‘‘ البخاري 6513 , النسائي 1929