الولاء والبراء
بعد انتهائنا من هذا البيان المختصر لأصول العقيدة
الإسلامية نشير إلى أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي
أهلها ويعادي أعداءها؛ فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، ويبغض أهل
الإشراك ويعاديهم.
وذلك من ملة إبراهيم والذين معه، الذين أمرنا
بالاقتداء بهم؛ حيث يقول سبحانه وتعالى: {قَدْ
كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ وَحْدَهُ}
وهو من دين محمد عليه الصلاة والسلام:
قال تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ
مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ} وهذه في تحريم موالاة أهل الكتاب خصوصا.
وقال في تحريم موالاة الكفار عموما: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ
أَوْلِيَاءَ}
بل لقد حرم الله على المؤمن موالاة الكفار ولو كانوا
من أقرب الناس نسبا؛ قال تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ
وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى
الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ} وقال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا
آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ
عَشِيرَتَهُمْ} .
وقد جهل كثير من الناس هذا الأصل العظيم، حتى لقد سمعت
بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة في إذاعة عربية يقول عن النصارى:
إنهم إخواننا! ويا لها من كلمة خطيرة!!
وكما أن الله سبحانه حرم موالاة الكفار أعداء العقيدة
الإسلامية؛ فقد أوجب سبحانه موالاة المؤمنين ومحبتهم؛ قال تعالى: {إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ
حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ
رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} وقال تعالى: {إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}
فالمؤمنون إخوة في الدين والعقيدة، وإن تباعدت أنسابهم
وأوطانهم وأزمانهم؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ
جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ
فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ
رَحِيمٌ}
فالمؤمنون من أول الخليقة إلى آخرها مهما تباعدت
أوطانهم وامتدت أزمانهم إخوة متحابون؛ يقتدي آخرهم بأولهم، ويدعوا
بعضهم لبعض، ويستغفر بعضهم لبعض.
وللولاء والبراء مظاهر تدل عليهما: