حكم الإيمان بالقدر وكيفيته أيضاً
الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان ولن يتم إيمان
العبد حتى يحقق الإيمان بالقضاء والقدر.
وللإيمان بالقضاء والقدر أركان لا يتم إلا بها.
الركن الأول: أن تؤمن بأن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء شهيد فما من
شيء حادث في السماء والأرض وما من شيء يحدث فيهما مستقبلاً إلا وعند
الله علمه لا يخفى عليه شيء من دقيقه وجليله ]وعنده مفاتح الغيب لا
يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها
ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين[ .
الركن الثاني: أن تؤمن بأن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء
إلى أن تقوم الساعة فكل شيء يحدث في الأرض أو في السموات فهو مكتوب في
اللوح المحفوظ قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وقد أشار
الله تعالى إلى هذين الركنين بقوله : ]ألم تعلم أن الله يعلم ما في
السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير[وفي الحديث "أن أول
ما خلق الله القلم قال له: اكتب . قال: وماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو
كائن فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة". وفي ليلة القدر
يكتب ما يجري في تلك السنة ]فيها يفرق كل أمر حكيم[ وإذا تم للجنين في
بطن أمه أربعة أشهر بعث الله إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع
كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد .
الركن الثالث: من أركان الإيمان بالقضاء والقدر أن تؤمن بمشيئة الله
العامة وقدرته الكاملة وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فكل ما
حدث في السموات والأرض من أفعال الله أو من أعمال الخلق فإنه بمشيئة
الله لا يحدث شيء كبير ولا صغير ولا عظيم ولا حقير إلا بمشيئة الله لا
يحدث شيء كبير ولا صغير ولا عظيم ولا حقير إلا بمشيئة الله وقدره وتحت
سمعه وبصره وهو الذي علم به وكتبه وقدره ويسر أسبابه فمن عمل صالحاً
فبمشيئة الله ]من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم[ وكل
شيء يعمله الإنسان ويحدثه فإنه بمشيئة الله حتى إصلاح طعامه وشرابه
وبيعه وشراؤه وأخذه وعطاؤه ونومه ويقظته وجميع حركاته وسكناته كلها
بمشيئة الله تعالى وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال :
"كل شيء بقدر حتى العجز والكيس" .
الركن الرابع: من أركان الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله خالق كل شيء
ومليكه ومقدره ومسخره لما خلق له وأن الله خالق الأسباب والمسببات وهو
الذي ربط النتائج بأسبابها وجعلها نتيجة لها وعلم عباده تلك الأسباب
ليتوصلوا بها إلى نتائجها لتكون عبرة لهم ودليلاً على نعمة الله عليهم
بما يسره لهم من الأسباب التي يتمكنون بها من إدراك مطلوبهم على حسب ما
تقتضيه حكمته ورحمته وقد أشار لله تعالى إلى هذا بقوله: ]أفرأيتم ما
تمنون[ إلى قوله: ]فسبح باسم ربك العظيم[ فالأعمال التي يحدثها العبد
ويقوم بها ناتجة عن أمرين:
أحدهما: عزم الإنسان عليها ولولا عزمه لما فعل.
والثاني: قدرته على العمل بما علمه الله تعالى من أسبابه وبما أعطاه من
القوة عليه ولولا قدرة الإنسان على العمل ولولا علمه بأسباب إيجاده
وعزمه لما وقع منه الفعل ولا شك أن الذي علم الإنسان وأوجد فيه العزم
والقدرة هو الله تعالى، فالإنسان وعزمه وقدرته وفعله كله في ملك الله
وتحت مشيئة الله وقدرته ]أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة
الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في
السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً[ . بارك الله لي ولكم في
القرآن العظيم