المعايير النفسية مع الأمنية
يقول النبي صلى الله عليه وسلم إنما الدنيا لأربع نفر
نفر آتاه الله مالاً وعلماً فهو يتقي في ماله وربه ويصل به رحمه ويعلم أن لله فيه حق
ورجل لم يؤتيه الله مالاً وآتاه علماً فهو يقول لو أني أوتيت مثل فلان لعملت بعمله فهم في الأجر سواء
ورجل لم يؤتيه علماً وآتاه مالاً فهو يتخبط في ماله لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم أن لله فيه حق
ورجل لم يؤتيه الله مالاً ولا علماً فهو يقول لو أني أوتيت مثل فلان لعملت بعمله فهما في الوزر سواء
هذا الحديث بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس في مسألة التمني ومن معهم من نعم دنيوية أو نعم أخروية أنهم أربع أصناف
صنف من الناس آتاه الله المال والعلم و المقصود هنا العلم الشرعي الذي يجعل الإنسان يتقي في ماله ربه وليس المقصود به العلوم نافعة فإن الذي عنده علوم نافعة وليس عنده علوم شرعية قد تؤدي به علومه النافعة هذه إلى أن يضل ونرى كثيراً من الناس عندما نقول لهم يقول الله ويقول الرسول يقول العلم يقول كذا فيأتي بكلمات تورده النار فهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم
فصنف آتاه الله علماً ومالاً
وصنف آتاه الله علماً فقط ولم يؤتيه مالاً
وصنف آتاه الله مالاً ولم يؤتيه علم
وصنف لم يؤتيه الله لا مالاً ولا علماً
فالصنف الذي آتاه الله مالاً وعلماً هو في أعلى المنازل فالله يعطي من فضله ما يشاء
فالذي أعطاه الله مالاً وعلماً علم بعلمه أن هذا المال لا بد أن يتقي الله فيه وأن لله فيه حق وحق الله في هذا المال أن ينفقه في وجوه الخير يعطيه للمحتاجين ويبذل المال في أوجه الخير وأوجه الخير كثيرة
فهذا الصنف من أعلى المنازل لذا هؤلاء هم من يتمنى حالهم
فنجد الصنف الذي آتاه الله علم ولم يؤتيه مالاً يتمنى أن يكون من هذا الصنف الذي آتاه الله مالاً وعلماً
لأنه يرى أن هذا المال يعينه في طاعة ربه وعندما ينفقه يكون رصيداً له عند ربه
وهنا في مسألة التمني الله ينظر إلى القلوب والنيات فهذا لأنه صادق في نيته فهو فعلاً لو آتاه الله مالاً لأنفقه في الخير مثل الصنف الأول لذا فقد جعل الله لهما في الأجر سواء
قد يفوقه الأول في مضاعفة الثواب ولكنهم في أصل الأجر سواء
ثم الصنف الثالث وهو رجل لم يعطيه الله علم ولكن أعطاه مالاً فهذا من مظاهر الحياة الدنيا التي قد تكون سبباً في أن تؤول بصاحبها إلى النار
لأن عدم العلم عنده قد تجعله ينفقه في ما ليس لله فيه حق
فتجده يتخبط في ماله ينفقه لكن في المحرمات والضياع ولا ينفقه في الخيرات فيكون المال نقمة ووبالاً عليه
ثم الصنف الآخر وهو الذي لم يؤتى المال ولا العلم فلا يكتفي أن الله لم يؤته المال ولكن يتمنى أن يكون حاله مثل هذا الذي عنده المال وليس عنده العلم وينفق ماله في ملذات الحياة الدنيا والمحرمات
فهذا لا يكتفي بأنه لا يفعل الشيء الذي فيه إثم ولكن يتمنى حال هذا الواقع في الإثم
ولذا بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الاثنين في الوزر سواء
وفي الوزر ليس هناك مضاعفة أوزار
فلابد للمرء منا أن يجعل هذا الحديث معياراً لنفسه حتى يقومها
فإن وجد نفسه من الصنف الأول فيحمد الله لأنه في نعمة ( ولئن شكرتم لأزيدنكم ) وبفضل الله نجد هذا الصنف دائماً من الشاكرين لله
أما إن كنت من الصنف الثاني فالحمد لله لم يؤتيك الله المال ولكن آتاك العلم
فبالعلم تعرف ربك وتعرف أن هذا أنفق في الخير وانك لو آتاك الله مالاً لأنفقت مثله فهذا والحمد لله أنت في خير ونعمة
أما إن وجدت نفسك عندك مظهر من مظاهر الدنيا وليس عنك علم فحتى لا تتخبط في مالك ولا تنفقه في حرام فعليك أن تتعلم حتى تعلم كيف تتفقه وأن تأتي بما تستطيع من أمور تجعلك تصون هذه النعمة وتقربك لربك فتصرف نفسك من هذا الصنف
تقوم نفسك وتهذبها وتصبر على تعلم ما يفقهك في دينك مما يجعلك في طاعة لربك حتى تحفظ مالك
وأما الذي لم يعطه الله مالاً ولا علماً فعليه أن يقوم نفسه ويهذبها وعليه أن يصبر لأن الأمر خطير
وأن يصبر نفسه حتى يتفقه فيما يجعله يتقرب لربه
ولا يتمنى حال أهل المعاصي ولا من عندهم من نعم الحياة الدنيا التي تؤول بهم إلى الجحيم حتى لا يكون هو من أهل الجحيم