الوقت
من شروط الصلاة
ولهذا تسقط كثير من الواجبات
مراعاة للوقت ، وينبغي بل يجب على الإنسان أن يحافظ على أن تكون الصلاة
في وقتها .
وأوقات الصلاة ذكرها الله تعالى مجملة في كتابه ، وذكرها النبي صلى
الله عليه وسلم مفصلة في سنته ، أما في الكتاب العزيز فقد قال الله
تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ
وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) .
فقوله تعالى : ( لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) أي زوالها . وقوله : ( إِلَى
غَسَقِ اللَّيْلِ ) أي انتصاف الليل ، لأن أقوى غسق في الليل نصفه ،
وهذا الوقت من نصف النهار إلى نصف الليل يشتمل على أوقات أربع صلوات :
الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء وهذه الأوقات كلها متتالية ليس
بينها فاصل ، فوقت الظهر : من زوال الشمس إلى أن يصير ظل الشيء كطوله ،
ووقت العصر : من هذا الوقت إلى اصفرار الشمس الوقت الاختياري ، وإلى
غروب الشمس الوقت الاضطراري ، ووقت المغرب : من غروب الشمس إلى مغيب
الشفق ، وهو الحمرة التي تكون في الأفق بعد غروب الشمس ، ووقت العشاء :
من هذا الوقت إلى منتصف الليل هذه هي الأوقات الأربعة المتصلة بعضها
ببعض ، وأما من نصف الليل إلى طلوع الفجر ليس وقتاً لصلاة فريضة ، ووقت
صلاة الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ولهذا فضله الله تعالى عما
قبله فقال : (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ). ثم قال(
وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً 78) .
والسنة جاءت مبينة لهذا على ما وصفته أنفاً .
هذه الأوقات التي فرضها الله تعالى على عباده ، فلا يجوز للإنسان أن
يقدم الصلاة عن وقتها ، ولا يجوز أن يؤخرها عن وقتها فإن قدمها عن
وقتها ولو بقدر تكبيرة الإحرام لم تصح ، لأنه يجب أن تكون الصلاة في
نفس الوقت ، لأن الوقت ظرف فلابد أن يكون المظروف داخله ، ومن أخر
الصلاة عن وقتها فإن كان لعذر من نوم ، أو نسيان أو نحوه فإنه يصليها
إذا زال العذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من نام عن صلاة أو
نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك )) . ثم تلا .قوله تعالى
: ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي 14 ) وإن لم يكن له عذر فإن صلاته لا
تصح ولو صلى ألف مرة ، فإذا ترك الإنسان الصلاة فلم يصلها في وقتها
فإنها لا تنفعه ، ولا تبرأ به ذمته إذا كان تركه إياها لغير عذر ولو
صلاها آلاف المرات ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (( من عمل
عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) . ومن ترك الصلاة حتى خرج وقتها لغير
عذر فقد صلاها على غير أمر الله ورسوله فتكون مردودة عليه ، لكن من
رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أن وسع لهم فيما إّا كان لهم عذر يشق
عليهم أن يصلوا الصلاة في وقتها ، رخص لهم في الجمع بين الظهر والعصر ،
أن بين المغرب والعشاء ، فإذا شق على الإنسان أن يصلي كل صلاة في وقتها
من الصلاتين المجموعتين فإنه يجوز أن يجمع بينهما إما جمع تقديم ، وإما
جمع تأخير على حسب ما يتيسر له لقوله الله تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ
بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) وثبت في صحيح مسلم
من حديث ابن عباس – رضى الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع
في المدينة بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر
، وسئل ابن عباس لماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قال : ((
أراد أن لا يحرج أمته )) . ففي هذا دليل على أن الإنسان إذا لحقه مشقة
بترك الجمع بين الظهر والعصر ، أو بين المغرب والعشاء فإنه يجوز له أن
يجمع بينهما