الركن الخامس من مرتبة الإيمان الإيمان بيوم الله الآخر
لا يصح إيمان
عبد حتى يعلم ويتيقن دون ريب أن ثمة يوم يرجع فيه الناس إلى
الله فيحاسب المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته فالناس في هذه
الدنيا منهم المحسن والمسيء وقد يموتون ولا ينال أحدهم جزاء عمله
فلا بد من دار أخرى يقام فيها العدل بين الناس وينال كل منهم جزاء
عمله والإيمان بيوم الله الآخر أحد أركان الإيمان التي دل
عليها القرآن في كثير من الآيات ودلت عليها السنة المباركة حيث
يذكر الإيمان به تارة مع الأركان الستة والتي هي الإيمان
بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره دل في
حديث عمر رضي الله عنه في سؤلات جبريل عليه السلام للنبي صلى
الله عليه وسلم الذي بين فيه مراتب الدين الثلاثة الإسلام والإيمان
والإحسان
وتارة يذكر الإيمان به مع الإيمان بالله كما قال تعالى (
يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق
ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر )
وقد سمى الله هذا
اليوم بعدة أسماء تنويهاً بشأنه وتنبيهاً للعباد ليخافوا منه
فسماه
اليوم الآخر لأنه بعد الدنيا وليس بعده يوم غيره
وبيوم القيامة
لقيام الناس فيه لربهم سبحانه وتعالى
وسماه الواقعة والحاقة
والقارعة والراجفة والصاخة والآزفة ويوم الفرع الأكبر ويوم الحساب
ويوم الدين والوعد الحق وكلها أسماء تدل على عظم شأنه وشدة هوله
وما يلقاه الناس فيه من الشدائد والأهوال فهو يوم تشخص فيه الأبصار
وتطير القلوب عن أماكنها حتى تبلغ الحناجر ( يوم يفر المرء من أخيه
وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) ( يوم
تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسأل حميم حميماً
يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه
وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه )
والإيمان بهذا
اليوم يحمل الإنسان على العمل والاستعداد له كما قال تعالى ( فمن
كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً
)
وقال تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على
الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون )
وقال
تعالى (يخافون يوماً كان شره مستطيراً ويطعمون الطعام على حبه
مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم
جزاءاً ولا شكوراً )