الشريعة الإسلامية جاءت بالهداية للبشرية وما تركت شيء يصلح
النفوس ويجلب لها النفع إلا أرشدت إليه وما كان شيء يجلب الضر أو يفسد النفوس إلا حذرت منه, ومن أعظم الأضرار التي حذرت منها فتنة النساء على الرجال, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ ما تركت بعدي فِتْنَةً أَضَرَّ على الرجال من النساء ‘‘( [2])
لأن الطباع كثيراً ما تميل إليهن وتقع في الحرام لأجلهن وتسعى للقتال والعداوة بسببهن، وأقل ذلك أن ترغبه في الدنيا، وأي فساد أضر من هذا؟
إن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن قال تعالى { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ } [ آل عمران 14 ] فجعلهن عين الشهوات لكثرة تشوق النفوس إليهن, والشهوات جمع شهوة وهي نزوع النفس إلى ما تريده ( [3])
ولذا وجهت الشريعة المسلم أن يصب شهوته للنساء في زوجته, ورغبته في احتساب الأجر على ذلك لأنه يعفها هي الأخرى, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا يا رسول الله يأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام كان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إن وضعها في الحلال، كان له أجر ‘‘ ( [4])
ووجهت الشريعة المسلم الذي ليس له زوجة أو البعيد عن زوجته أن يقمع شهوته بالصوم كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرغب الشباب في الزواج فقال ’’ ومن لم يستطع فعليه بالصوم, فإنه له وجاء ‘‘([5])
فمن امتثل لهدي الشريعة فلا خطورة عليه, أما الخوف كل الخوف على من ليس له زوجة المنصرف عن الصيام أو الزوج الذي يتطلع إلى غير زوجته فإن هؤلاء قد يحملهم ضعفهم أمام شهواتهم للانجراف في الحرام كالاستمناء أو الزنا ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ أخوف ما أخاف عليكم الزنا والشهوة الخفية ‘‘( [6])
والشهوة الخفية هي شَهْوةِ النساء عند الرجل لما لها فـي قلبه من مُخْفاةٌ فإذا استَـخْفَـى من لا يتقي الله بامرأة فتنته وقعا في الزنا
والشريعة تتخوف على المسلم ضعيف الإيمان من شهوة النساء, لأنها توصل إلى الزنا
وأعداء الله يعلمون ذلك جيداً ويعلمون أن أمثال هؤلاء إن وقعوا في الزنا يغضبوا الله عليهم ويعذبهم وهم يريدون له ذلك, وقد حدث لبني إسرائيل ذلك, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ اتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ‘‘( [7])
ولذا تفننوا في توجيه ما يشبع رغبات من يجري وراء شهواته ممن يسهل وقوعه في الحرام, فبثوا لهم الخليعة بكل صورها وأنواعها لأنها أسرع ما يوصل إلى الزنا والحرام
والآن تأثير الشهوات التي تثار لمُشاهد الخليعة بأوضاعها وتنوعها تؤدي للعزاب الرغبة في ارتكاب مثل الأوضاع التي شاهدها وتجعله يسعى في ارتكابها بشتى الطرق ولو بانتهاك أعراضه ومحارمه المهم تفريغ شهواته وتدفع هذه التأثيرات المتزوج للسعي في تحقيق الأوضاع القذرة التي شاهدها ولو ينزع معها عفة زوجته بالإكراه والتهديد بالطلاق
ومشاهد الخليعة غالباً ما يكون في شوق شديد أكثر أوقاته لما شاهده, وقد يسيطر هذا الشوق ( [8]) على فكره ونفسه وقلبه فيضعفه حتى يصبح أسير لشهواته المثارة, ولا يستطيع أن ينفك منه إلا بالاستجابة لتفريغ الشهوة
ذلك التأثير الذي يؤول في أغلب الأحوال بمشاهد الخليعة رجل كان أو امرأة للوقوع في الزنا والحرام وما يعقب ذلك من جلب الهم والحزن والخوف والدمار عندما تدخل المرأة بزناها العار على أهلها وزوجها وأقاربها وتنكس رؤوسهم، وعندما تحمل من الزنا قد تقتل ولدها وتكون جمعت بين جريمتي الزنا والقتل، أو تمسكه وتدخل على زوجها غير ولده, مما يجعل ذلك الغيور على عرضه لا يرى وسيلة يغسل بها العار الذي لحقه ولحق أهله إلا القتل, وربما كانت مثل هذه النتائج سبب في قول بعض الحكماء النساء شر كلهن وأشر ما فيهن عدم الاستغناء عنهن
[2] مسلم 2740
[3] فتح القدير 1/323
[4] مسلم 1006
[5] البخاري 5065 , مسلم 9/175 , الوجاء رض الخصيتين والمقصود هنا قطع الشهوة وقطع شر المني
[6] أبو نعيم في الحلية 7/122 , حسنه الألباني في صحيح الترغيب 2390
[7] مسلم 2742
[8] يرجع لرسالة المؤلف علاج الشوق عند المدمنين