ظهور المهدي
كنا قد ذكرنا فيما سبق العلامات الكبار مجملة، والآن
سنذكرها مفصلة، وأولها ظهور المهدي.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (لا
تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي؛ يواطئ
اسمه اسمي) . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي بأسانيد
صحيحة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وفي الباب عن علي وأبي
سعيد وأم سلمة وأبي هريرة.
قال العلامة السفاريني: "وقد تكاثرت الروايات
والآثار بأمر المهدي".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأحاديث
التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذي
وأحمد وغيرهم". انتهى.
واسم المهدي محمد بن عبد الله، من ولد الحسن بن علي بن
أبي طالب رضي الله عنه، يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورا
وظلما فيملؤها عدلا وقسطا.
قال العلامة السفاريني: "قد كثرت الأقوال في
المهدي، حتى قيل: لا مهدي إلا عيسى! والصواب الذي عليه أهل الحق:
أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت
بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء
السنة حتى عد من معتقداتهم..."انتهى.
أقول: وقد انقسم الناس في أمر المهدي إلى طرفين
ووسط:
فالطرف الأول: من ينكر خروج المهدي مثل بعض الكتاب
المعاصرين الذين ليس لهم خبرة بالنصوص وأقوال أهل العلم وإنما يعتمدون
على مجرد آرائهم وعقولهم.
والطرف الثاني: من يغالي في أمر المهدي من الطوائف
الضالة، حتى ادعت كل طائفة لزعيمهم أنه المهدي المنتظر: فالرافضة
تدعي أن المهدي هو إمامهم المنتظر الذي ينتظرون خروجه من السرداب،
ويسمونه محمد بن الحسن العسكري، دخل سرداب سامرا طفلا صغيرا منذ أكثر
من خمس مائة سنة، وهم ينتظرون خروجه! والفاطمية: يزعمون أن زعيمهم
هو المهدي... وهكذا؛ كل من أراد التسلط والتغلب على الناس
وخداعهم ادعى أنه المهدي المنتظر؛ كما أن من أراد الدجل والاحتيال من
الصوفية ادعى أنه من أهل البيت وأنه سيد.
وأما الوسط في أمر المهدي؛ فهم أهل السنة والجماعة،
الذين يثبتون خروج المهدي على ما تقضي به النصوص الصحيحة؛ في اسمه،
واسم أبيه، ونسبه، وصفاته، ووقت خروجه، لا يتجاوزون ما جاء في الأحاديث
في ذلك، ولخروجه أمارات وعلامات تسبقه ذكرها أهل العلم.
قال العلامة السفاريني: "قد كثرت الأقوال في
المهدي، حتى قيل: لا مهدي إلا عيسى! والصواب الذي عليه أهل الحق أن
المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت
بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء
السنة حتى عد من معتقداتهم...".
إلى أن قال: "وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من
ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة وعن التابعين بعدهم ما يفيد
مجموعه العلم القطعي؛ فالإيمان بخروج المهدي واجب؛ كما هو مقرر عند أهل
العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة".
ثم قال السفاريني في بيان سيرته: "قال أهل
العلم: يعمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يوقظ نائما، ويقاتل
على السنة، لا يترك سنة إلا أقامها، ولا بدعة إلا رفعها، يقوم بالدين
آخر الزمان كما قام به النبي صلى الله عليه وسلم، يكسر الصليب ويقتل
الخنزير ويرد إلى المسلمين إلفتهم ونعمتهم، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما
ملئت ظلما وجورا".
وقال في وصفه أيضا: "ثم يخرج رجل من أهل بيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم مهدي حسن السيرة؛ يغزو مدينة قيصر، وهو آخر
أمير من أمة محمد، يخرج في زمانه الدجال، وينزل عيسى ابن مريم".
قال: "ونقل العلامة الشيخ مرعي في كتابه "فوائد
الفكر"عن أبي الحسن محمد بن الحسين: أنه قال: قد تواترت الأحاديث
واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بمجيء المهدي؛
أنه من أهل بيته صلى الله عليه وسلم، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ
الأرض عدلا، وأنه يخرج مع عيسى فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض
فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى يصلي خلفه؛ يعني: صلاة واحدة، وهي
الفجر"انتهى.
ذلكم هو المهدي الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه
وسلم وبين صفاته الفارقة ووقت خروجه وسيرته، وقد ادعى المهدية جماعة من
الضلَّال في وقت مبكر عن وقته، ولا تنطبق عليهم صفاته، وإنما أرادوا
بذلك التغرير بالسذج، واستغلال ادعاء هذه الشخصية لمطامعهم الخاصة،
فأظهر الله كذبهم، وفضح باطلهم، ولا تعجب؛ فقد ادعى قوم النبوة،
وافتروا على الله الكذب، {وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ
إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} .
نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، ويكفينا شر الأئمة المضلين والمحتالين الدجالين. والحمد لله رب العالمين