قصة إسلام عمر بن الخطاب
تعال معي أخي الحبيب نتعرف على هذه الشخصية التي كان لها الأثر الكبير على نصرة الإسلام وعز المسلمين ، تعالوا لنعرف سيرة الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل ، عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان تاريخ عمر مع المؤمنين في غاية الصعوبة ، كان تاريخه حافلاً بالقسوة والعنف الشديدين، وكان له مكانة خاصة في نادي قريش، وكانت سفارة قريش موكولة إليه، وكان مسموع الكلمة في قبيلته بني عدي وفي قريته مكة
إلى جانب سلطته وقوته وبأسه كان عمر أيضًا غليظ الطباع، قاسي القلب، شديدًا على الإسلام والمسلمين، فقد كان يعذِّب جارية له علم بإسلامها من أول النهار حتى آخره، ثم يتركها نهاية الأمر ويقول والله ما تركتك إلا ملالة
وإزاء الأحداث والمستجدات التي ظهرت على ساحة مكة وهي الدعوة لدين الإسلام كان يعيش عمر بن الخطاب صراعًا نفسيًّا حادًّا، فهو بين أن يكون زعيمًا قائدًا في مكة، وبين أن يكون تابعًا في هذا الدين الجديد، يحدثه قلبه بأن هؤلاء الناس قد يكونون على صواب، وأن هؤلاء الناس ثباتهم عجيب جدًّا فيما يتعرضون له، وهم يقرءون كلامًا غريبًا لم نسمعه من قبل، هذا إضافةً إلى أن (رئيسهم) الرسول ليس عليه من الشبهات شيء، فهو الصادق الأمين
ويحدثه عقله بأنه سفير قريش، وقائد من قوادها، والإسلام سيضيّع كل هذا، فذلك الدين قسّم مكة إلى نصفين، نصف يؤمن به ونصف يحاربه، ومنذ ست سنوات ونحن منه في متاعب ومشكلات، ومناظرات ومحاورات
وفي لحظة عصيبة من هذا الصراع الداخلي انتصر عقله في النهاية، وبعدها شعر بكراهية شديدة لرسول الله الذي وضعه في مثل هذا الصراع النفسي الرهيب، والذي لم يكن معتادًا عليه، ولأن من طبعه الحسم وعدم التردد، فقد قرر أن ينتهي من كل ما يؤرقه، وأراد أن يخلص نفسه ويخلص مكة كلها ممن أحدث فيها هذه المشكلات، فقرر أن يقوم بما فكر فيه كثير من مشركي قريش قبل ذلك، لكنهم لم يفلحوا فيه، قرر أن يقتل رسول الله
وكان قد دفعه إلى أخذ هذا القرار أيضًا ما حدث قبل يومين من إهانة شديدة لأبي جهل في مكة على يد عم رسول الله حمزة بن عبد المطلب عندما دخل الإسلام وأصبح على دين محمد، وكانت حرارة هذا الدافع نابعة من أن أبا جهل خال عمر بن الخطاب،
رأى عمر أنه قد أصيب في كرامته تمامًا كما أصيب أبو جهل، ورد الاعتبار في مثل هذه الأمور عادة ما يكون بالسيف
هنا قرر ابن الخطاب قتل رسول الله ، وقد جاء خاطر هذا القرار في ذهنه في لحظة، وكانت محاولة التنفيذ مباشرة في اللحظة التالية، رغم أنه لم يعرف مكان رسول الله فلم يكن من المشركين أحد يعرف دار الأرقم بن أبي الأرقم الذي يجتمع فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه عند الصفا
خرج عمر بن الخطاب من بيته متوشحًا سيفه قاصدًا رسول الله يبحث عنه لقتله، وفي الطريق لقيه نُعَيم بن عبد الله وكان من المسلمين الذين أخفوا إسلامهم، وكان أيضًا من قبيلة عمر، من بني عدي، وكان من السهل على نعيم أن يقرأ الشر في ملامح وجه عمر، فأوقفه نعيم وقال له أين تريد يا عمر
ولأنه صريح لا يكذب ولا ينافق ولا يُداهن، لعدم حاجته إلى مثل هذه الصفات، ومن ناحية أخرى فهو لا يعرف نبأ إسلام نعيم، قال عمر في غاية الصرامة والجدية أريد محمدًا، هذا الصابئ، الذي فرّق أمر قريش، وسفّه أحلامها، وعاب دينها، وسفه آلهتها؛ فأقتله
ما كان من نعيم حين سمع مقالة عمر إلا أن أصابه الرعب والفزع، فقد رأى الخطر العظيم المحدق برسول الله وليس هناك وقت لتنبيهه
إزاء ما وجد نعيم من عمر، لم يتمالك نفسه في أن يكشف له عن سر خطير؛ قاصدًا أن يلهيه به عن هذا الإقدام وذاك التفكير، فأماط اللثام عن إسلام أخته وزوج أخته معًا، كشف له عن إيمان فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها أخت عمر، وعن إيمان زوجها وابن عمهما سعيد بن زيد ، وكان من الممكن أن يقتلهما عمر، لكن في المقابل يستطيع نعيم أن يبلغ الرسول ليأخذ حذره، ولو كان أخبره بإسلام أحد آخر فلن يهتم عمر، أما إذا أخبره بإسلام أخته، فهذا شيء كبير جدًّا وطعن جديد في كرامة عمر، هنا قال نعيم مهددًا
والله لقد غرّتك نفسك من نفسك يا عمر؛ أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدًا
قال عمر للصحابي الجليل أراك اتبعت محمداً
قال الصحابي لا و لكن أعلم يا عمر أن ابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو، وأختك فاطمة بنت الخطاب، قد والله أسلما وتابعا محمدًا على دينه؛ فعليك بهما
جنَّ جنون عمر، وقد نسي ما كان يفكر فيه، وأسرع من توّه إلى عقر داره وبيت أخته الذي اخترقه محمد
في تلك الأثناء كان خباب بن الأرت يجلس مع سعيد بن زيد وزوجته في بيتهما يعلمهما القرآن الكريم، فقد كان رسول الله يقسم المسلمين إلى مجموعات، كل مجموعة تتدارس القرآن فيما بينها، ثم يجتمعون بعد ذلك في لقاء جامع معه في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وقد كان خباب يقوم بدور المعلم لسعيد وزوجته
وصل عمر إلى بيت أخته، وقبل دخوله سمع همهمة وأصواتًا غريبة، وبعنفٍ أخذ يطرق الباب وينادي بصوته الجهوريّ أن افتحوا
أدرك من بالداخل أن عمر بالباب، فأسرع خباب وكان من الموالي بالاختفاء في غرفة داخلية، وقد قال لئن نجا سعيد بن زيد وفاطمة بنت الخطاب فلن ينجو خباب
وفتح سعيد الباب، ودخل عمر وهو يحترق من الغضب، لا يسيطر على نفسه والكلمات تتطاير من فمه، والشرر يقذف من عينيه، ودون استئذان يسأل ما هذه الهمهمة (الصوت الخفي غير المفهوم) التي سمعت
ردَّا عليه ما سمعتَ شيئًا
قال عمر بلى، والله لقد أُخبرت أنكما تابعتما محمدًا على دينه
ثم ألقى بنفسه على سعيد يبطش به، هنا تدخلت الزوجة الوفية فاطمة رضي الله عنها تدافع عن زوجها، فوقفت بينه وبين عمر تدفع عمر عنه، وفي لحظة غضب عارمة التفت عمر إلى أخته، ولم يدرك نفسه إلا وهو يضربها ضربة مؤلمة على وجهها، تفجرت على إثرها الدماء من وجهها
وإزاء ما حدث وفي تحدٍّ واضح، وقف سعيد بن زيد يتحدى عمر ويقول: نعم، قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك
وإن تعجب فعجب موقف أخته فاطمة المرأة الضعيفة، وقد وقفت في تحدٍّ صارخ وأمسكت بوجه أخيها عمر، وهي تقول له وقد كان ذلك على رغم أنفك يا عمر
ذهل عمر، ما هذا الذي يحدث؟! هل هذه هي أخته؟ ما الذي جرّأها إلى هذه الدرجة
وعلى شدة بأسه وقوة شكيمته شعر عمر بأنه ضعيف وصغير، لا يستطيع أن يقف أمام هذه المرأة، وفي الوقت ذاته شعر وكأنها أصبحت جبلاً أشمًّا يقف أمامه، لقد تغيرت الدنيا وهو لا يدري
ورغم ذلك وفي تعبير عن رقة عظيمة في قلبه تختفي وراء هذه الغلظة الظاهرة، قال عمر: فاستحييت حين رأيت الدماء
يقول عمر: فجلست، ثم قلت: أروني هذا الكتاب
في نظرِهِ أن هذا مطلبٌ عادي
وكانت اللطمة والضربة الثانية الموجعة التي لم يكن يتوقعها على الإطلاق، حيث قالت له أخته فاطمة يا أخي، إنك نجسٌ على شركك، وإنه لا يمسها إلا الطاهر
وعلى عكس ما كان يتوقعه بَشَر قام عمر وفي هدوء عجيب، قام ليغتسل
لا شك أن هناك شيئًا غريبًا يحدث، شيئًا لا يمكن تفسيره إلا عن طريق قوله تعالى { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } القصص56
وهنا قد شاء الله الهداية لعمر، وشاء الله الخير له وللمسلمين بل ولأهل الأرض جميعًا، قام عمر وسط هذه الأجواء ليغتسل في بيت أخته ليصبح طاهرًا فيقرأ الصحيفة
بعد اغتساله أعطته فاطمة رضي الله عنها الصحيفة يقرؤها، وبلسانه وعقله وقلبه قرأ عمر
بسم الله الرحمن الرحيم. فقال مُظهِرًا خيرًا عميقا أسماء طيبة طاهرة
ثم قرأ { طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلاَ * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } طه: 1- 8
ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
إلا تذكرة لمن يخشى
تنزيلاً ممن خلق الأرض
والسموات العلا
الرحمن على العرش استوى
له ما في السموات والأرض
وما بينهما وما تحت الثرى
وإن تجهر بالقول
فإنه يعلم السر وأخفى
الله لا إله إلا هو
له الأسماء الحسنى
تزلزل عمر ، وقد وجد نفسه خاشعًا متصدعًا من خشية الله، وفي لحظة قد خالط الإيمان فيها قلبه قال عمر فعظمت في صدري، فقلت: ما أحسن هذا الكلام! ما أجمله
فكأن شأن عمر الساعة قد تبدّل، وكان هذا هو عمر، أسلم بمعنى الكلمة
وكانت هذه من أعظم لحظات البشرية على الإطلاق، لحظة تحول فيها رجل يسجد لصنم ويعذب المؤمنين إلى عملاق من عمالقة الإيمان، وإلى فاروق فرق الله به بين الحق والباطل، وإلى رجل يراقب الله في كل حركة وكل سكون، وكل كلمة وكل همسة، ثماني آيات فقط، صنعت الأسطورة الإسلامية العجيبة عمر
وحين سمع عمر وهو يقول ما أحسن هذا الكلام! ما أجمله! خرج خباب من مخبئه وقال يا عمر، والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس وهو يقول { اللَّهُمَّ أَيِّدْ الإِسْلاَمَ بِأَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ}، فاللهَ اللهَ يا عمر
وكان رسول الله يدعوا دائما ويقول { اللهم أعز الإسلام بأحد العُمرين} وهما عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام وهو أبو جهل بن
هشام الذي كان يسمى أبو الحكم بن هشام وكان خال عمر
عند ذلك قال عمر مُقِرًّا ومعترفًا برسالة محمد فأين رسول الله ؟
قال خباب إنه في دار الأرقم
أخذ عمر سيفه فتوشحه، ثم انطلق من جديد إلى رسول الله ، ولكنه انطلق في هذه المرة بقلب مؤمن، وأمام دار الأرقم ضرب عمر الباب على رسول الله وصحابته، فقام رجل من أصحاب رسول الله فنظر من خلل الباب فوجد عمر، فرجع فزعًا إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، هذا عمر بن الخطاب متوشحًا السيف
كان في بيت الأرقم آنذاك أربعون صحابيًّا مع رسول الله ، ورغم هذا العدد فقد قام يدافع عن الجميع ويتصدر هذا الموقف الخطير حمزة بن عبد المطلب ، الذي لم يخالط الإيمان قلبه إلا منذ ثلاثة أيام فقط، قام حمزة، فقال في صلابة فَأْذَنْ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ جَاءَ يُرِيدُ خَيْرًا بَذَلْنَاهُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ جَاءَ يُرِيدُ شَرًّا قَتَلْنَاهُ بِسَيْفِهِ
فقال رسول الله ائذنوا له
ففتح لعمر فدخل إلى الدار المباركة، دار الأرقم بن أبي الأرقم، ثم أدخلوه في حجرة، وقام إليه رسول الله فدخل عليه، واقترب منه، ثم أخذ رسول الله بمجمع ردائه، ثم جذبه نحوه جذبة شديدة وقال له في قوة ما جاء بك يا بن الخطاب؟ فوالله ما أرى أن تنتهي حتى يُنزل الله بك قارعة
عند ذك ردَّ عمر بصوت منخفض يا رسول الله، جئت لأُومِنَ بالله وبرسوله، وبما جاء من عند الله
الله أكبر! انتصار هائل وكبير للدعوة، خاصة بعد دخول حمزة في دين الله
الفرحة في قلب الرسول لا توصف، وكان أول رد فعل له أن كبر الله الله أكبر! الله أكبر الذي صنع هذه المعجزة
عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله أن عمر قد أعلن إسلامه، فدخلوا عليه يهنئونه ويباركونه جميعًا، وأصبح العدو القديم صديقًا ورفيقًا
وكما ولد حمزة عملاقًا، فإن عمر أيضًا ولد عملاقًا ، ولد عمر فقيهًا، حازمًا، واضحًا صريحًا، مضحيًّا، بعد إسلامه مباشرة كانت أول كلمة قالها يا رسول الله، ألسنا (استخدم صيغة الجمع) على الحق؟
قال بلى
قال عمر ففيمَ الاختفاء
منذ أن أعلن إسلامه وقد حسب نفسه واحدًا منهم، وقد أخذ يقترح عليهم الاقتراحات، ويفكر كيف يخدم هذا الدين، وما هو الأنفع والأصلح للدعوة، وكان هذا هو عمر
وكان الاختفاء لأسباب، وهنا وقد تغير الوضع، وبعد أن كان للاختفاء مزايا، أصبح للإعلان مزايا؛ وذلك بعد إيمان حمزة وعمر رضي الله عنهما، رجلان فقط من المسلمين غيَّرا من مسار الدعوة الإسلامية بكاملها في هذه الفترة الحرجة
ووافق رسول الله على الإعلان، وسيبدأ يُعلن الإسلام في مكة، وسيظهر المسلمون في مكة، وتقضى الشعائر أمام كل الناس في مكة وفي وضح النهار، وكانت هذه دعوة كبيرة جدًّا لله وللرسول وللمسلمين، أخذ المسلمون القرار من حينها، وفي نفس اللحظة خرج المسلمون في صفين، عمر على أحدهما، ولم يكن آمن إلا منذ دقائق، وحمزة على الآخر وكان قد آمن منذ ثلاثة أيام فقط. ومن دار الأرقم إلى المسجد الحرام، حيث أكبر تجمع لقريش، سارت الكتيبة العسكرية الإسلامية المؤمنة
ومن بعيدٍ نظرت قريش إلى عمر وإلى حمزة وهم يتقدمان المسلمين، فَعَلتْ وجوهَهُم كآبة شديدة، يقول عمر فسماني رسول الله الفاروق يومئذٍ
وفي شوق ولهفة عارمة لأن يعلم ألد أعداء الإسلام خبر إسلامه، نظر عمر بن الخطاب في المسجد الحرام فلم يجد أبا جهل، حينها قرر أن يذهب إليه في بيته ويخبره بنفسه عن أمر إسلامه
يقول عمر فأتيت حتى ضربت عليه بابه، فخرج إليّ وقال مرحبًا وأهلاً يا بن أختي، ما جاء بك
وفي تحدٍّ واضح، قال عمر جئتُ لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد، وصدقت بما جاء به
قال عمر فضرب الباب في وجهي، وقال قبحك الله وقبح ما جئت به
فرح عمر فرحًا شديدًا؛ كونه غاظ أبا جهل، ذلك الذي كان صاحبه منذ قليل، لكن الإسلام نقله نقلة هائلة
لكن عمر ما زال يريد أن يُعلم خبر إسلامه الجميع، فذهب إلى جميل بن معمر الجمحي الذي كان أنقل قريش للحديث، لا يسمع حديثًا إلا حدث الناس جميعًا به، ذهب عمر وقال له يا جميل، لقد أسلمت. وبأعلى صوته نادى جميل إن ابن الخطاب قد صبأ. فردَّ عليه عمر كذبت، ولكني قد أسلمت
وعرفت مكة كلها بإسلام عمر، وكان هذا عين ما أراده
وكان إسلام حمزة وإسلام عمر بعد ذلك دفعًا كبيرًا للدعوة الإسلامية، فقد كانت مكة تهاب عمر وتخشاه، يؤكد هذا كلام صهيب الرومي حين يقول لما أسلم عمر ظهر الإسلام، ودُعِي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقًا، وطفنا بالبيت، وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به
ويقول أيضًا عبد الله بن مسعود ما زلنا أعِزَّة منذ أسلم عمر
وهنا لنا وقفة مع مشاعر عمر بن الخطاب قبل إسلامه نذكر بها إخواننا الذين هم على غير الجادة ممن انجرفوا في المخدرات وعلموا الحق أنهم ليس لهم إلا الله في الخلاص من هذا الهلاك نعم إخواني أُدرك تماماً ما يقذفه الإدمان والشيطان في نفوسكم من مشاعر غلظة وكره وحقد على المجتمع والآخرين لما هم فيه من نعيم وما أنت فيه من بؤس وجحيم ضياع للزوجة والأولاد وابتعاد للإخوة الأخوات وتعست الآباء والأمهات وفقد المال والعمل ولم يبقى إلا الضياع
ومع هذه المشاعر الخاطئة الخير في قلبك الذي تخفيه يحدثك بسعة رحمة الله وعظيم غفرانه ويدعوك لتوبة تسترضي بها الله فيغير نفسك ويرضي عنك المجتمع
فاحزم واعزم وقرر متوكلاً على الله بالرجوع إلى الله بتوبة تُفرح به الله قبل أن تفرح بها والديك وزوجتك وأولادك
فهيا بنا نعلن توبتنا من هذه اللحظة نجاهر بها مثل عمر نواجه بها أصدقاء السوء
وأنت يا من أصيب من إدمانه بفقد المناعة ويقذ الشيطان في نفسه أن ينقل معناتاه إلى غيره قل لا أنا استسلمت لقضاء الله وإن لي عند الله إحدى الحسنتين إما أن يشفيني ويبدل لحمي بلحمٍٍ خيراً منه ودماً خيراً من دمي ويغفر لي أو أن أموت به فيدخلني الجنة
فكن يا أخي مثل عمر الفاروق الذي فرق بين الحق والباطل
كن أنت أيضاً فروقاً تفرق بين الإيمان والإدمان لتنجوا من النيران وتنعم بجنة الرحمن
اللهم يا من أنقذت عمر من جهل الشرك بنور الإسلام
أنقذنا من جهل الإدمان بنور الإيمان
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى أهله وصحبه وسلم وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله