قصة زازان أبو عمر الكوفي
زاذان أبو عُمَر الكِنْديّ مولاهم ، الكوفي البزَّاز الضرير , الإمام المحدث أحد العلماء الكبار ، كان صاحب لهو وطرب
كان زاذان غلاما حسنَ الصوت ، جيد الضرب بالطُّنْبُور [1]وكان مرة يعزف له رفقائه وهو في وسطهم يغني , فمرَّ بهم عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل فلما رأى حالهم تفرقوا عنه وصاحوا به فدخل ابن مسعود فضربَ الباطِيَةَ [2] ، بدَّدَها وكسر الطُّنبور ، ثم أمسك بزاذان وهزه ثم قال: لو كان ما يُسمَعُ مِن حُسنِ صوتِكَ يا غلامُ بقراءة القرآن كنت أنت , أنت , يعني كنت أنت المرتفع شأنه عند ربه وكنت أنت المقرب إلى ربه في جناته , ثم مضى عبد الله بن مسعود فالتفت زاذان إلى من بقى من أصحابه وسألهم من هذا ؟ قالوا له هذا عبد الله بن مسعود قال عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له نعم فألقى في نفسه التَّوْبة ، فبكى زاذان ومضى يبكي حتى صاح بعبد الله بن مسعود فوقف له , فأخذ بثوبه ووقف بين يديه وقال تُبت والله مما أفعل قد حاربت ربي , تُبت والله مما أفعل فبكى عبد الله بن مسعود واعتنَقَه وقال مرحباً بمَن أحبَّه الله ، مرحباً بمَن أحبَّه الله ، اجلس , ثم دخل وأخرج له تمراً و لازم زاذان الكندي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وتعلم منه الحديث والقراءة وأصبح بعد ذلك إماماً محدثاً بعد ما كان موسيقيا , ًبعد ما كان مطرباً مغنياً , بعدما كان سكيراً ، تعلم القرآن وأصبح إماما ًفي العلم ومن أئمة الزهد رُوي أنه قال يوما ً: إني جائع ، فسقط عليه رغيفٌ مثل الرَّحا
مات سنة اثنتين وثمانين [3]
قصة زازان هذه أقرب ما يكون لحال الواقعين في الإدمان ( سكر وغُُنى ودق عود ) لكنه ترك كل هذا بتوبة نصوحة صدق فيها مع الله لم يفكر في قبول المجتمع له أو أن نظرة المجتمع لم تتغير اتجاهه كمغني سكير فاسق ومثل هذا التفكير الذي يعوق التوبة وربما يؤدي إلى انتكاسة , ولكن كان المهم عنده أنه حارب الله بالمعاصي ولابد له من استرضاء ربه والالتزام بطاعته , فرضى الله عنه وأرضى عنه مجتمع عصره ومجتمع العصور من بعده حتى إننا نذكره بعد أكثر من ثلاثمائة عاماً وألف لنثني عليه ونقتاد به
[1] دقاق عود , موسيقي
[2] وعاء الخمر
[3] أعلام النبلاء 4/280-281 وتهذيب أعلام النبلاء / 386