علاج الصرع
فتح الباري (5524)
حدّثنا مسدَّدٌ حدَّثنا يحيى عن عُمرانَ أبي بكرٍ قال: حدَّثني عطاءُ
بن أبي رباحٍ قال: قال لي ابن عباس: ألا أُريكَ امرأةً من أهل
الجنة؟ قلت: بَلى. قال: هذهِ المرأة السوداءُ أتتِ النبيَّ صلى الله
عليه وسلم فقالت: إني أُصرَعُ وإني أتكشَّفُ، فادعُ الله لي. قال: إن
شِئتِ صَبرتِ ولكِ الجنة، وإن شِئتِ دَعَوتُ الله أن يُعافِيكِ. فقالت:
أصبرُ. فقالت: إني أتكشفُ، فادعُ الله لي أن لا أتكشفَ، فدعا لها».
حدثنا محمدٌ أخبرنا مَخلدٌ عن ابن جُرَيج أخبرَني عطاء أنه رَأى أمَّ
زُفَرَ، تلك المرأةَ الطويلةَ السوداءَ، على سِترِ الكعبة
هذه المرأة السوداء هى سعيرة الأسدية أم زفر وكانت حبشية صفراء
عظيمة وكان يثني عليها خيراً و قيل أنها ماشطة خديجة التي كانت تتعاهد
النبي صلى الله عليه وسلم بالزيارة
و كان بها المؤتة يعني الجنون وكانت تجمع الصوف والشعر والليف،
فإذا اجتمعت لها كبة عظيمة نقضتها و قيل هي التي نزل فيها «ولا تكونوا
كالتي نقضت غزلها» الآية . وجاء في تفسير النحل أنها امرأة أخرى.
«وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالمجانين فيضرب صدر أحدهم فيبرأ،
فأتي بمجنونة يقال لها أم زفر، فضرب صدرها فلم تبرأ »
الله تعالى قادر أن يشفيها على يدي رسوله صلى الله عليه وسلم لكنه كما
نسى في الصلاة الركعتين وهذا ما هو إلا ليشرع لنا أحكام السهو فكذلك
أراد أن يبن لنا أن الصبر على البلايا يورث الجنة
«فقال: إن يتبعها في الدنيا فلها في الآخرة خير»
لكنها خشيت أن تظهر عورتها وهي لا تشعر.فقالت:«إني أخاف الخبيث أن
يجردني، فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق
بها»
قال ابن حجر: وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان
من صرع الجن لا من صرع الخلط. وقد أخرج البزار وابن حبان من حديث أبي
هريرة شبيهاً بقصتها ولفظه «جاءت امرأة بها لمم إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالت: ادع الله. فقال: إن شئت دعوت الله فشفاك وإن شئت صبرت
ولا حساب عليك. قالت: بل أصبر ولا حساب علي» وفي الحديث فضل من يصرع،
وأن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة، وأن الأخذ بالشدة أفضل من
الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة ولم يضعف عن التزام الشدة، وفيه
دليل على جواز ترك التداوي، وفيه أن علاج الأمراض كلها بالدعاء
والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير، وأن تأثير ذلك
وانفعال البدن عنه أعظم من تأثير الأدوية البدنية، ولكن إنما ينجع
بأمرين: أحدهما من جهة العليل وهو صدق القصد، والآخر من جهة المداوي
وهو قوة توجهه وقوة قلبه بالتقوى والتوكل، والله أعلم.
و إن أذن في أذن المصروع فحسن لأن الشيطان يفر من ذلك انظر فتح
الحق المبين في علاج الصرع و السحر و العين ص112
وانظر البخاري1231 و المسند 3/331 ( إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان و له
ضراط حتى لا يسمع الأذان ، فإذا قضي الأذان أقبل ، فإذا ثوب بها أدبر )