علاج
لدغ الحية والعقرب
علاج لدغ العقرب
روى الأئمة واللفظ لـ الدارقطني عن أبي سعيد الخدري قال : بعثنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ثلاثين راكباً قال : فنزلنا على
قوم من العرب فسألناهم أن يضيفونا فأبوا ، قال : فلدغ سيد الحي ،
فأتونا فقالوا : فيكم أحد يرقي من العقرب ؟ في رواية ابن قتة
: إن الملك يموت ، قال : قلت أنا نعم ، ولكن لا أفعل حتى تعطونا ،
فقالوا فإنا نعطيكم ثلاثين شاة ، قال : فقرأت عليه ( الحمد لله رب
العالمين ) سبع مرات فبرأ ، في رواية سليمان بن قتة عن أبي
سعيد ، فأفاق وبرأ ، فبعث إلينا بالنزل وبعث إلينا بالشاء ، فأكلنا
الطعام أنا وأصحابي وأبوا أن يأكلوا من الغنم ، حتى أتينا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر فقال : وما يدريك أنها رقية قلت : يا
رسول الله ، شيء ألقى في روعي ، قال : كلوا وأطعمونا من الغنم ، خرجه
في كتاب السنن
المقصود : أن الروح إذا كانت قوية وتكيفت بمعاني الفاتحة ، واستعانت
بالنفث والتفل ، قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة ،
فأزالته.
وفي هديه صلى الله عليه وسلم في علاج لدغة العقرب بالرقية
روى ابن أبي شيبة في مسنده ، من حديث عبد الله بن مسعود
قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، إذ سجد فلدغته عقرب في
إصبعه ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " لعن الله العقرب
ما تدع نبياً ولا غيره " ، قال : ثم دعا بإناء فيه ماء وملح ، فجعل يضع
موضع اللدغة في الماء والملح ، ويقرأ " قل هو الله أحد " ، والمعوذتين
حتى سكنت
.انظر المشكاة 4567ذكر الألباني في روايتي البيهقي وخص الثانية التي
فيها لدغ النبي صلى الله عليه وسلم صحيح
ففي هذا الحديث العلاج بالدواء المركب من الأمرين : الطبيعي والإلهي ،
فإن في سورة الإخلاص من كمال التوحيد العلمي الإعتقادي ، وإثبات
الأحدية لله ، المستلزمة نفي كل شركة عنه ، وإثبات الصمدية المستلزمة
لإثبات كل كمال له مع كون الخلائق تصمد إليه في حوائجها ، أي : تقصده
الخليقة ، وتتوجه إليه ، علويها وسفليها ، ونفي الوالد والولد ، والكفء
عنه المتضمن لنفي
الأصل ، والفرع والنظير ، والمماثل مما اختصت به وصارت تعدل ثلث القرآن
، ففي اسمه الصمد إثبات كل الكمال ، وفي نفي الكفء التنزيه عن الشبيه
والمثال . وفي الأحد نفي كل شريك لذي الجلال ، وهذه الأصول الثلاثة هي
مجامع التوحيد .
وفي المعوذتين الإستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلاً ، فإن الإستعاذة من
شر ما خلق تعم كل شر يستعاذ منه ، سواء كان في الأجسام أو الأرواح ،
والإستعاذة من شر الغاسق وهو الليل ، وآيته وهو القمر إذا غاب ، تتضمن
الإستعاذة من شر ما ينتشر فيه من الأرواح الخبيثة التي كان نور النهار
يحول بينها وبين الإنتشار ، فلما أظلم الليل عليها وغاب القمر ، انتشرت
وعاثت .
والإستعاذة من شر النفاثات في العقد تتضمن الإستعاذة من شر السواحر
وسحرهن .
والإستعاذة من شر الحاسد تتضمن الإستعاذة من النفوس الخبيثة المؤذية
بحسدها ونظرها .
والسورة الثانية : تتضمن الإستعاذة من شر شياطين الإنس والجن ، فقد
جمعت السورتان الإستعاذة من كل شر ، ولهما شأن عظيم في الإحتراس
والتحصن من الشرور قبل وقوعها ، ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه
وسلم عقبة بن عامر بقراءتهما عقب كل صلاة ، ذكره الترمذي في
جامعه وفي هذا سر عظيم في استدفاع الشرور من الصلاة إلى الصلاة .
وقال : ما تعوذ المتعوذون بمثلهما
وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! ما لقيت من عقرب
لدغتني البارحة فقال : " أما لو قلت حين أمسيت : أعوذ بكلمات الله
التامات من شر ما خلق ، لم تضرك " .
اعلم أن الأدوية الطبيعية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله ، وتمنع من
وقوعه ، وإن وقع لم يقع وقوعاً مضراً ، وإن كان مؤذياً ، والأدوية
الطبيعية إنما تنفع ، بعد حصول الداء ، فالتعوذات والأذكار ، إما أن
تمنع وقوع هذه الأسباب ، وإما أن تحول بينها وبين كمال تأثيرها بحسب
كمال التعوذ وقوته وضعفه ، فالرقى والعوذ تستعمل لحفظ الصحة ، ولإزالة
المرض ، أما الأول : فكما في الصحيحين من حديث عائشة كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه " قل هو
الله أحد " والمعوذتين . ثم يمسح بهما وجهه ، وما بلغت يده من جسده .
وكما في حديث عوذة أبي الدرداء المرفوع " اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت
عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم " ، وقد تقدم وفيه : من قالها أول
نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسي ، ومن قالها آخر نهاره لم تصبه مصيبة حتى
يصبح .
وكما في الصحيحين : " من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة
في ليلة كفتاه " .
وكما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من نزل
منزلاً فقال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شئ حتى
يرتحل من منزله ذلك " .
وكما في سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
في السفر يقول بالليل : " يا أرض ، ربي وربك الله ، أعوذ بالله من شرك
وشر ما فيك ، وشر ما يدب عليك ، أعوذ بالله من أسد وأسود ، ومن الحية
والعقرب ، ومن ساكن البلد ، ومن والد وما ولد "
وأما الثاني : فكما تقدم من الرقية بالفاتحة ، والرقية للعقرب وغيرها
مما يأتي .
و في عون المعبود 10/272
وفي التمهيد لابن عبد البر عن سعيد بن المسيب قال بلغني أن من قال حين يمسي سلام على نوح في العالمين لم يلدغه عقرب انتهى.
علاج لدغة الحية
في هديه صلى الله عليه وسلم في رقية الحية
قد تقدم قوله : " لا رقية إلا في عين ، أو حمة " ، الحمة : بضم الحاء
وفتح الميم وتخفيفها . وفي سنن ابن ماجه من حديث عائشة :
رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من الحية والعقرب . ويذكر
عن ابن شهاب الزهري قال : لدغ بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هل من راق ؟ فقالوا :
يا رسول الله ! إن آل حزم كانوا يرقون رقية الحية ، فلما نهيت عن الرقى
تركوها ، فقال : ادعو عمارة بن حزم ، فدعوه ، فعرض عليه
رقاه ، فقال : لا بأس بها فأذن له فيها فرقاه "
قال ابن حجر عند ذكره فزع الناس إلى المعزم وغيره ممن يدعي تسخير
الجن فيأتي بأمور مشتبهة مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر الله
وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم والتعوذ بمردتهم،
فقال:يقال: إن الحية لعداوتها للإنسان بالطبع تصادق الشياطين لكونهم
أعداء بني آدم، فإذا عزم على الحية بأسماء الشياطين أجابت وخرجت من
مكانها، وكذا اللديغ إذا رقى بتلك الأسماء سالت سمومها من بدن الإنسان،
فلذلك كره من الرقى ما لم يكن بذكر الله وأسمائه خاصة وباللسان العربي
الذي يعرف معناه ليكون بريئاً من الشرك، وعلى كراهة الرقى بغير كتاب
الله علماء الأمة. ذكره ابن حجر في الفتح 10/ 207
فيفرق بين تعزيم الشرك هذه و بين التعزيم الشرعية ، ففي التعازيم لحيات
البيوت قال صلى الله عليه وسلم (فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا
عليها ثلاثا فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر) مسلم 14/448
و التحريج أي التعزيم أن يقول: «أنشدكن بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان
بن داود أن لا تؤذونا ولا تظهرن لنا» وقال مالك: يكفي أن يقول أحرج
عليك بالله واليوم الآخر أن لا تبدو لنا ولا تؤذينا، ولعل مالكاً أخذ
لفظ التحريج مما وقع في صحيح مسلم فحرجوا عليها ثلاثاً والله أعلم.
وقد أمرنا بقتل الحيات وخاصة ذا الطفيتين والأبتر لقوله صلى الله
عليه وسلم: «اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يستسقطان الحبل
ويلتمسان البصر».والأبتر وذا الطفيتين فإنه يقتل على كل حال سواء كانا
في البيوت أم غيرها
الحيات في جميع الأرض والبيوت والدور يندب لقتلها من غير إنذار، عند
طائفة من العلماء
انظر النووي 14/448