علاج الكذب بتحري الصدق
كذبات إبراهيم من الكذب المباح
والكذبات الثلاث التي كذبها إبراهيم عليه السلام هي من الكذب المباح اثنتان منهما في ذات الله ، والثالثة فيها تورية للنجاة من جبار ظالم غاشم
أما الأولى فقوله { إني سقيم } لأن قومه كانوا يخرجون في يوم عيدهم خارج البلد , وأراد إبراهيم أن يستغل خروجهم ليذهب إلى معبدهم , ليكسر أصنامهم , فقال أنا مريض , حتى يتمكن من البقاء فلا يخرج معهم
وأما الثانية فقوله بعد أن كسر أصنامهم وترك صنمهم الأكبر ووضع الحديدة التي كسر بها عليه , عندما سألوه من فعل بآلهتهم هذا , قال : {بل فعله كبيرهم هذا } ليقيم عليهم الحجة بأنهم لا عقل لهم لأنهم يعبدون ما لا يضر ولا ينفع
وأما الثالثة فقوله للجبار عن زوجته سارة : {هي أختي } فقد شاهد بعض التجار إبراهيم ومعه سارة وهي تطحن الحبوب فذهبوا إلى هذا الجبار فقالوا له لقد نزل بأرضك رجل ومعه امرأة لا ينبغي أن تكون لأحد غيرك , وكانت سارة أجمل نساء الدنيا , فأتى هذا الطاغية بإبراهيم وسارة فسأله الطاغية عن سارة قال هي أختي وهو يعني أخته في الإسلام ، والإخوة في الدين أشد من الإخوة في النسب , لأنه لو قال زوجتي لقتله الجبار حتى لا ينازعه فيها أما أنها أخته فلا يتخلص منه
وليس في هذه الكذبات شيءٌ محرم
فعليك بالصدق حيث تخاف أنه يضرك , فإنه ينفعك , ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك , فإنه يضرك [13]
ولما كان للكذب المحرم إفساد كبير في تقطيع الروابط والصلات بين الأفراد في المجتمع ورذيلة من رذائل السلوك ذات الضرر البالغ , أمر الإسلام بالصدق ونهى عن الكذب ووضع قواعد تربية هذا المجتمع الإسلامي على الصدق , واتخذ كل الوسائل الكفيلة بغرس هذا الخلق العظيم في نفوس أفراده جميعاً صغاره وكباره ورجاله ونسائه
[13] ابن القيم مدارج السالكين 2/273