صفة سؤال الملكين على ما وردت به
الأحاديث
جاء في
حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: قوله صلى الله عليه وسلم: (فتعاد
روحه -يعني الميت- في جسده، ويأتيه ملكان) .
وفي
"الصحيحين"من حديث قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (إن الميت إذا وضع في قبره،
وتولى عنه أصحابه؛ إنه ليسمع خفق نعالهم؛ أتاه ملكان، فيقعدانه،
فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول أشهد
أنه عبد الله ورسوله قال فيقول انظر إلى مقعدك من النار؛ قد أبدلك الله
به مقعدا من الجنة) . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"فيراهما جميعا". قال: "فأما الكافر والمنافق؛ فيقولان له:
ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري! كنت أقول ما يقول
الناس. فيقولان له: لا دريت ولا تليت. ثم يضرب بمطارق من حديد
بين أذنيه، فيصيح صيحة، فيسمعها من عليها غير الثقلين".
وفي حديث
آخر في "صحيح أبي حاتم": (أتاه
ملكان أسودان أزرقان؛ يقال لأحدهما المنكر، وللآخر النكير)
.
وفي حديث
آخر في "المسند"و "صحيح أبي حاتم"عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن
الميت إذا وضع في قبره؛ إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه؛ فإن كان
مؤمنا؛ كانت الصلاة عند رأسه، والصيام عن يمينه، والزكاة عن شماله،
وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان عند رجليه فيؤتى
من قبل رأسه، فتقول الصلاة ما قبلي مدخل ثم يؤتى من يمينه، فيقول
الصيام ما قبلي مدخل ثم يؤتى من يساره، فتقول الزكاة ما قبلي مدخل ثم
يؤتى من قبل رجليه، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف
والإحسان ما قبلي مدخل فيقال له اجلس! فيجلس وقد مثلت له الشمس وقد
أخذت في الغروب فيقال له هذا الرجل الذي كان فيكم؛ ما تقول فيه؟
وماذا تشهد به عليه؟ فيقول دعوني حتى أصلي فيقولون إنك ستصلي، أخبرنا
عما نسألك عنه) الحديث.
فهذه
الأحاديث وما جاء بمعناها تدل على مسائل:
1. أن
السؤال يحصل حين يوضع الميت في قبره، وفي هذا رد على أهل البدع -كأبي
الهذيل والمريسي- القائلين: إن السؤال يقع بين النفختين.
2. تسمية
الملكين منكر ونكير، وفي هذا رد على من زعم من المعتزلة أنه لا يجوز
تسميتهما بذلك، وأوَّلوا ما ورد في الحديث بأن المراد بالمنكر تلجلجه
إذا سئل، والنكير تقريع الملائكة له.
3. أنها
ترد روح الميت إليه في قبره حين السؤال، ويجلس ويستنطق، وفي هذا رد على
أبي محمد بن حزم حيث نفى ذلك؛ إلا إن كان يريد نفي الحياة المعهودة في
الدنيا؛ فهذا صحيح؛ فإن عود الروح إلى بدن الميت ليس مثل عودها إليه في
هذه الحياة الدنيا، وإن كان ذاك قد يكون أكمل من بعض الوجوه؛ كما أن
النشأة الأخرى ليست مثل هذه النشأة، وإن كانت أكمل منها، بل كل موطن في
هذه الدار وفي البرزخ والقيامة له حكم يخصه، ولهذا أخبر النبي صلى الله
عليه وسلم أن الميت يوسع له في قبره ويسأل ونحو ذلك، وإن كان التراب قد
لا يتغير؛ فالأرواح تعاد إلى بدن الميت وتفارقه.
وللروح بالبدن تعلقات مختلفة إليك بيانها