حكم الإسراء والمعراج وليلة
القدر
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
تعالى ـ: ما رأي الشرع في نظركم فيمن قال بتفضيل ليلة الإسراء على ليلة
القدر؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي نرى في هذه المسألة أن ليلة
القدر أفضل من ليلة الإسراء بالنسبة للأمة، أما بالنسبة للرسول صلى
الله عليه وسلم فتكون ليلة الإسراء التي هي ليلة المعراج في حقه أفضل،
لأنها خاصة به، ونال فيها من الفضائل ما لم ينله في غيرها، فلا نفضل
ليلة القدر مطلقاً، ولا نفضل ليلة الإسراء التي هي ليلة المعراج
مطلقاً، وكأن السائل يريد أن يشير إلى ما يفعله بعض الناس ليلة السابع
والعشرين من رجب من الاحتفال بهذه الليلة، يظنون أنها ليلة الإسراء
والمعراج، والواقع أن ذلك لم يثبت من الناحية التاريخية، فلم يثبت أن
النبي صلى الله عليه وسلم أسري به في تلك الليلة، بل إن الذي يظهر أن
المعراج كان في ربيع الأول، ثم على فرض أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه
وسلم عرج به في ليلة السابع والعشرين من رجب، فإن ذلك لا يقتضي أن يكون
لتلك الليلة احتفال واختصاص بشيء من الطاعة، وعلى هذا فالاحتفال بليلة
سبع وعشرين من رجب لا أصل له من الناحية التاريخية ولا الشرعية، فإذا
لم يكن كذلك كان من العبث ومن البدعة أن يحتفل بتلك الليلة
وذكر سماحة الشيخ بن باز رحمه الله في رسالة التحذير
من البدع
حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج
لا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة
الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى عظم منزلته عند
الله عز وجل، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة، وعلى علوه
سبحانه وتعالى على جميع خلقه، قال الله سبحانه وتعالى:{ سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ
آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }
وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به
إلى السماوات، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة، فكلمه ربه
سبحانه بما أراد، وفرض عليه الصلوات الخمس، وكان الله سبحانه فرضها
أولا خمسين صلاة، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله
التخفيف، حتى جعلها خمسا، فهي خمس في الفرض، وخمسون في الأجرة لأن
الحسنة بعشر أمثالها، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه.
وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج، لم يأت
في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره ، وكل ما ورد في
تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم
بالحديث، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها، ولو ثبت تعيينها لم
يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها
لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها،
ولم يخصوها بشيء ولو كان الاحتفال بها أمرا مشروعا لبينه الرسول صلى
الله عليه وسلم للأمة، إما بالقول وإما بالفعل، ولو وقع شيء من ذلك
لعرف واشتهر، ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا، فقد نقلوا عن نبيهم
صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة، ولم يفرطوا في شيء من الدين،
بل هم السابقون إلى كل خير، فلو كان الاحتفال بهذه الليلة مشروعا
لكانوا أسبق الناس إليه، والنبي صلى الله عليه وسلم هو أنصح الناس
للناس، وقد بلغ الرسل غاية البلاغ، وأدى الأمانة فلو كان تعظيم هذه
الليلة والاحتفال بها من دين الله لم يغفله النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يكتمه، فلما لم يقع شيء من ذلك، علم أن الاحتفال بها، وتعظيمها
ليسا من الإسلام في شيء وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها، وأتم عليها
النعمة، وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله
كما بين في موضع أخر أن الحكم تخصيص رجب بصلاة الرغائب
كالحكم في الاحتفال بليلة ( 27 ) منه