مقدمة
علاج الحاسد والمحسود والعائن والمعيون
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله القائل{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ(57)} يونس
والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة الذي وعظنا بقوله
{ إياكم والحسد , فإن الحسد يأكل الحسنات , كما تأكل النار الحطب}[1]
أما بعد : فالحسد مرض نفسي خطير , له آثار سيئة تلحق الحاسد , وتؤثر في صِلاته الاجتماعية , كما تؤثر أسوأ التأثير في معاملته لمن يحسده , وقد يؤدي حسده لشخص من الأشخاص إلى أن يقتله أو يوقع به أضرار شنيعة , وقد يتعدى ضرره فيلحق المحيطين بالمحسود والملتفين به , سواء أقرباء أو أصدقاء أو غيرهم [2]
فهو من الرذائل الخلقية ذات النتائج النفسية والاجتماعية السيئة جداً على الأفراد والجماعات [3]
ولشدة خطورة الحسد بينا في هذه الرسالة حقيقة وجوده في كل إنسان
بالفطرة , لكنه ليس مبرر لحسد الناس على ما أتاهم الله , فالحسد كغيره من أمراض القلوب التي قد تتواجد في كل إنسان , لكنه مطالب بتقويمها وتهذيبها وبذل الجهد في محاولة التخلص منها بكل استطاعة , لأنه مؤاخذ عليها
وكذا أوضحنا في هذه الرسالة الحسد حسب شدته , من خلال ثلاثة مباحث وهي المنافسة , دركات الحسد , الإصابة بالعين أو النفس
المبحث الأول وهو مباح ومع ذلك بينا فيه أن خلو النفس منها أسلم للصدر
المبحث الثاني وقد بينا مدى خطورة كل دركة وما توصل إليه من إضرار بالآخرين وبالحاسد نفسه
المبحث الثالث وبينا فيه كيف يصيب الإنسان بنفسه أو بعينه ومدى تأثير هذه الإصابة في وقوع أضرار على الآخرين أو حتى على نفسه
ثم أتينا بالعلاجات الشرعية المناسبة لأصحاب النفوس التي ذكرت في المبحثين الثاني والثالث , والتي يحدث منها الضرر, وكذا العلاج للمتضررين وكيفية دفع الأذى عن أنفسهم
وما أتينا به في هذه الرسالة فهو من العلاج المعرفي , الذي ليس فقط كان لابن القيم سبق فيه , وإنما هو المنهج الرباني في إصلاح النفوس , فالله تعالى أعلمنا أنه الله الخالق لكل شيء الإله الواحد لا شريك له , بالدلائل التي أخبرنا بها سواء بالوحي الذي أرسله على الرسل أو مما بثه فينا من فطرة سليمة , ثم بعد هذا العلم كان على الخلق العمل بما علموا , وهو إفراد الله بالعبودية والتي هي في حقيقة تطبيقها , أعظم علاج لصلاح نفوس البشرية
كتبها / عبد القادر بن محمد بن حسن أبو طالب
[1] أبو داود 4903 البيهقي في الشعب 6608 , ضعفه الألباني في الضعيفة 1902 , حسنه محققوا الترغيب 4253
[2] حسن أيوب 79
[3] حنبكة 1/789