الإيمان باليوم الآخر
الموت
ومن مقدمات اليوم الآخر الموت، وهو القيامة الصغرى.
والقيامة الصغرى: هي وفاة كل شخص عند انتهاء أجله،
وبها ينتقل من الدنيا إلى الآخرة.
وقد ذكر الله العباد بالموت؛ ليستعدوا له بالأعمال
الصالحة والتوبة من الأعمال السيئة؛ لأنه إذا جاء؛ ختم عمل الإنسان،
وهو لا يقبل التأخير.
قال تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا
أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ
هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ
أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا
أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ
الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا
وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} .
وقال تعالى: {كُلُّ
نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} .
والموت هو القيامة الصغرى، وقيام الساعة هو القيامة
الكبرى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وهو سبحانه
وتعالى في السورة الواحدة يذكر القيامة الكبرى والصغرى؛ كما في سورة
الواقعة؛ فإنه ذكر في أولها القيامة الكبرى، وأن الناس يكونون أزواجا
ثلاثة؛ كما قال تعالى: {إِذَا
وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ
رَافِعَةٌ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا
فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً}
، ثم إنه في آخرها ذكر القيامة الصغرى بالموت، وأنهم يكونون ثلاثة
أصناف بعد الموت، فقال: {فَلَوْلَا
إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ
فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ
فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ
أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ
وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ
حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} ".
وعند الموت تقبض روح الإنسان من جسده بأمر الله
تعالى.
وقد أسند الله قبض الأنفس إليه سبحانه في قوله
تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى
الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} ، وأسنده إلى الملائكة في قوله
تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ}
وفي قوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ
يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ} ، وأسنده إلى
ملك الموت في قوله: {قُلْ
يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}
ولا تعارض بين الآيات، والإضافة في هذه الآيات إلى كل بحسبه؛ فالله هو الذي قضى بالموت وقدره، فهو بقضائه وقدره وأمره، فأضيف إليه التوفي لأجل ذلك، وملك الموت يتولى قبضها واستخراجها من البدن، ثم تأخذها منه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب، ويتولونها بعده، فصحت إضافة التوفي إلى كل بحسبه