التوفي بالنوم والتوفي بالموت
الروح المدبرة للبدن التي تفارقه بالموت هي الروح
المنفوخة فيه، وهي النفس التي تفارقه بالنوم:
قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نام عن الصلاة: (إن
الله قبض أرواحنا حيث شاء وردها حيث شاء) . وقال له بلال:
يا رسول الله! أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك.
وقال تعالى: {اللَّهُ
يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي
مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ
الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} .
قال ابن عباس وأكثر المفسرين: يقبضها قبضتين؛ قبض
الموت وقبض النوم، ثم في النوم يقبض التي تموت ويرسل الأخرى إلى أجل
مسمى حتى يأتي أجلها وقت الموت.
وقد ثبت في "الصحيحين"عن النبي صلى الله عليه
وسلم: أنه كان يقول إذا نام: (باسمك
ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي؛ فاغفر لها وارحمها، وإن
أرسلتها؛ فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) .
وهذا أحد القولين في الآية، وهو أن الممسكة والمرسلة
كلاهما متوفى وفاة النوم؛ فمن استكملت أجلها؛ أمسكها عنده فلا يردها
إلى جسدها، ومن لم تستكمل أجلها؛ ردها إلى جسدها لتستكمله.
والقول الثاني: أن الممسكة من توفيت وفاة الموت أولا، والمرسلة من توفيت وفاة النوم، والمعنى على هذا: أن الله يتوفى نفس الميت فيمسكها ولا يرسلها قبل يوم القيامة، ويتوفى نفس النائم ثم يرسلها إلى جسده إلى بقية أجلها فيتوفاها الوفاة الأخرى؛ قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ}