فلاح الإنسان في ذكر الله كثيراً
{ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
اذكروا الله ذكرا كثيرا في مجامع أحوالكم ولا تخصوا ذكره بالصلاة بل اذكروه ذكراً كثيراً في حال بيعكم وشرائكم، وأخذكم وعَطَائكم، ولا تشغلكم الدنيا عن الذي ينفعكم في الدار الآخرة
لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا، حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا ولا ينساه أبدا
والذكر الكثير يكون بالشكر لله على ما هداكم إليه من الخير الأخروي والدنيويّ
واذكروه بما يقرّبكم إليه من الأذكار ، كالحمد ، والتسبيح ، والتكبير ، والاستغفار ، ونحو ذلك
ويكون الذكر باللسان والقلب وبالطاعة
وأن تكون هممكم في جميع أحوالكم وأوقاتكم موكلة به لا تنفضون عنه لتكونوا
{ رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تجارة وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله }
وفي الأمر بالإكثار من ذكر الله تحذير لكم من الانتشار في الأرض لمصالحكم الدنيوية ، دون أن تعطوا طاعة الله تعالى وعبادته ، ما تستحقه من عناية ومواظبة
وفي هذا احتراس من الانصباب في أشغال الدنيا انصباباً ينسي ذكر الله
{ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
أي رجاء فلاحكم وفوزكم في دنياكم وآخرتكم
فإن الإكثار من ذكر الله أكبر أسباب الفلاح
لأنّ فلاحكم فيه وفوزكم منوط به
فإن الفلاح في الإِقبال على مرضاة الله تعالى
والفلاح كل الفلاح في تقديم ما يتعلق بأمور الدين ، على ما يتعلق بأمور الدنيا ، وفى تفضيل ما يبقى على ما يفنى
الفلاح في الإقبال على الطاعات التي ترضيه سبحانه ومن بين هذه الطاعات أن يكثر الإنسان من ذكر الله تعالى حتى في حالة سعيه لتحصيل رزقه
وهذا هو التوازن الذي يتسم به المنهج الإسلامي
التوازن بين متطلبات الحياة في الأرض ، من عمل وكد ونشاط وكسب وبين انقطاع القلب وتجرده للذكر . وهي ضرورة لحياة القلب لا يصلح بدونها
فالبرغم من أن ذكر الله لا بد منه في أثناء طلب المعاش ، والشعور بالله فيه الذي يحول نشاط المعاش إلى عبادة . إلا أنه مع هذا لا بد للذكر الخالص ، والانقطاع الكامل ، والتجرد المحض لله بالذكر الكثير