أمر الله سبحانه بعبادته وتوحيده وبالإحسان إلى الوالدين وأوجب علينا ذلك فقال :
{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (36)} النساء
وهذا هو أعلى الحقوق وأعظمها وهو حق الله تبارك وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له ثم بعده حق المخلوقين وآكدهم وأولاهم بذلك حق الوالدين ولهذا يقرن تبارك وتعالى بين حقه وحق الوالدين [2]
لأن النشأة الأولى من عند الله وهي الخلق والنشء الثاني وهو التربية من جهة الوالدين , والله جعلهما سبباً لخروج الابن من العدم إلى الوجود ولهذا قرن تعالى الشكر لهما بشكره فقال
{أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(14) } لقمان
بر الوالدين يكون ببذل المعروف والإحسان إليهما بالقول والفعل والمال
أما الإحسان بالقول فأن يخاطبهما باللين واللطف مستصحباً كل لفظ طيب يدل على اللين والتكريم
وأما الإحسان بالفعل فأن يخدمهما ببدنه ما استطاع من قضاء الحوائج والمساعدة على شؤونهما وتيسير أمورهما وطاعتهما
وأما الإحسان بالمال فأن يبذل لهما من ماله كل ما يحتاجان إليه طيبةً به نفسه منشرحاً به صدره غير متبع له بمنةٍَ ولا أذى [3]
والإحسان إلى الوالدين معاشرتهما بالمعروف والتواضع لهما وامتثال أمرهما والدعاء بالمغفرة بعد مماتهما وحفظهما وصيانتهما وترك السلطنة عليهما وصلة أهل ودهما [4]
فالإحسان بالوالدين يتضمن كل عمل من أعمال البر نحو الوالدين مع البعد عن كل ما يؤذيهما ، والشكر لهما بأن يطيعهما ويخدمهما ، لأنهما بذلا من أجله النفس والنفيس والصحة والراحة [5]
فأحق الناس بعد الخالق المنان بالشكر والإحسان والتزام البر والطاعة له والإذعان من قرن الله الإحسان إليه بعبادته وطاعته وشكره بشكره وهما الوالدان [6]
الله تعالى أمر بمعاملة الوالدين بأفضل أنواع المعاملات التي تقدم للآخرين وهي الإحسان والإحسان أعلى مراتب العبادات
مراتب العبادات وهي مرتبة الإسلام الشهادة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وهى أعمال الجوارح ثم مرتبة أعلى من ذلك وهى أعمال القلوب مرتبة الإيمان وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ثم مرتبه أعلى من ذلك كله وهى مرتبة الإحسان أن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه يعني في معاملته بأبيه يستحضر في كل أحواله وتصرفاته معه أن الله يراه وينظر ماذا يقدم لهما