قال النبي صلى الله عليه وسلم
{دخلت الجنة فسمعت قراءة فقلت: من هذا ؟ فقيل: حارثة بن النعمان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كذلك البر وكان برا بأمه}[22]
كذلك البر: أي مثل تلك الدرجة تنال بسبب البر ، وذكر عنه أيضا أنه كان لا يستفهم أمه كلاماً تأمره به ، حتى أنه ليسأل من عندها بعد أن يخرج ، يقول ماذا أرادت أمي ؟
عن رفاعة بن إياس قال: رأيت الحارس العكلي في جنازة أمه يبكي ،
فقيل له: تبكي! قال: ولم لا أبكي وقد أغلق عني باب من أبواب الجنة
كان ابن سيرين لا يكلم أمه بكل لسانه إجلالا لها
بلغت النخلة في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ألف درهم ، فعمد أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى نخلة فعرقها فأخرج جمارها فأطعمه أمه ، فقالوا: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم ، والجمار لا يساوي درهمين ، قال: إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئا أقدر عليه إلا أعطيتها
قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن لي أماً بلغ منها الكبر أنها لا تقضي حوائجها إلا وظهري لها مطية ، فهل أديت حقها ؟ قال: لا0لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك ، وأنت تصنعه وأنت تتمنى فراقها ، ولكنك محسن ، والله يثيب الكثير على القليل
قال ابن عباس رضي الله عنهما {إني لا اعلم عملاً أقرب إلى الله من بر الوالدة}
ولهذا أوصى الحسن البصري هشام بن حسان عندما قال له إني أتعلم القرآن ، وإن أمي تنتظرني بالعشاء ، قال الحسن: تعش العشاء مع أمك تقر به عينها ، فهو أحب إلي من حجة تحجها تطوعاً
وفي مقابل هذه القصص نجد بعض الناس يسمع لزوجته ، ويلبي مطالبها
ويسعى لمرضاتها ، وهذا حسن ، ولكنه يسيء إلى أمه فيهملها ولا يسأل عنها ، ولا يجلس معها ، وربما يسمع ما يقال فيها من قِبَل زوجته وأولاده فيغضب عليها ويتمنى فراقها ، وهذا من أعظم العقوق والعياذ بالله ، بل الواجب أن يسعى الإنسان إلى إرضاء والدته ولو غضب كل الناس ، وعليه أن يعلم أن الشريعة بينة أنه إذا لزم أمه فإن دخوله الجنة تحت رجلها وليس تحت رجل زوجته إذا لزمها , وبينة الشريعة أيضاً أن أمه تحتاج إلى البر أكثر من أبيه الذي بملازمته يجد الجنة عند رجله وليست الزوجة التي تحتاج إلى البر أكثر من أمه , فلا تقدم الزوجة على الأم وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما سألته
{أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال: زوجها ، قالت: فعلى الرجل
قال: أمه}[23]
فعلي المسلم ألا يقبل بحال من الأحوال شكوى زوجته نحو أمه ، بل عليه أن يحض زوجته على احترام أمه والصبر على ما قد يصدر منها فإن في ذلك خيراً كثيراً وبراً وفيراً وعليه أن يوضح لها الأهمية بتهيئة الأجواء التي تساعده في بر أمه وسوف تجد ذلك من أولادها , فيقدموها على كل شيء فإن البر والعقوق دين ووفاء ، فإذا أطاع المسلم والديه أطاعه أولاده ، وإذا أكرم والديه أكرمه أولاده ، وبالعكس إذا تولى عن والديه وأعرض عنهما سلط الله عليه من ذريته من لا يراعي فيه عهداً ولا يحفظ له وداً ولا يقيم له وزناً ولا يعرف له حق أبوة ولا واجب بنوة
[22]الحاكم3/208 وصححه ووافقه الذهبي ,صححه الألباني في الصحيحة 913
[23] الحاكم 4/150 وصححه , البزار 1462 , ضعفه الألباني في الترغيب 1212