الرجل عليه أن يصبر على ما لم يجده من أمور ذوقية في زوجته
يقول تعالى :
{ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19)} النساء
إشارات نفيسة وعظيمة إلى أمور تشتمل عليها المقاديرالربانية لأن كراهة النفس لبعض الأشياء قد لا تعتمد على ما في الأشياء من شر أو ضرر بل تعتمد في أكثر أحوالها على أمور ذوقية أخرى تجد فيها النفس ما تشتهي وتهوى من حلاوة أو طلاوة أو خفة أو جمال أو رشاقة أو رقة أو ذكاء أو عذوبة منطق أو نحو ذلك مما تميل إليه النفس أو تستمتع به الحواس وكثيراً ما تكون هذه الأمور الذوقية البحتة سبباً لمتاعب كثيرة أو سبباً لشر الزوج وشقائه
فقد يكره فيها عدم الرشاقة والخفة ويجعل الله في عدم وجود هذه الأشياء همة وعافية فتكون عفيّة تخدمه وتخدم أولاده وهي في كامل النشاط وقد تكون من عندها خفة ورشاقة ليس عندها عافية وكل وقتها نائمة في خمول وكسل
وقد يكره فيها عدم عذوبتها في الكلام والمنطق ويجعل الله في عدم وجود هذه الأشياء طاعتها له كلما طلب أو أمر بشيء قالت نعم وحاضر ونفذته وربما فعلت ما يريد قبل أو بدون طلبه , وقد تكون من عندها عذوبة لديها من العظمة والكبر ما تتعالى به عليه
فكثيراً ما تكون الأشياء المكروهة مشتملة في بواطنها أو في نتائجها على خير كثير وكراهيتها إنما حصلت بسبب خلوها مما تميل إليه نفسه أو تستمتع به الحواس من مشتهيات فكم من امرأة لم تأتي على مزاج الرجل وذوقه وليس فيها سوء خلق أو ضعف دين أو قلة حياء أو قلة أمانة لأنه عندما تزوجها تزوج فيها ما يرغب في الزواج من المرأة وهي الأشياء الظاهرة مالها , دينها , جمالها , حسبها , أما المسائل الذوقية البحتة هذه التي من بواطن الأمور ومن المقادير الربانية لا يعلمها الرجل فإذا لم يجد فيها ما يريده من هذه الأمور الذوقية وصبر عليها وعاشرها بالمعروف , الله تعالى يجعل له فيها خيراً كثيراً يجعلها له عفيفة شريفة صيّنة معينة له على السراء والضراء وحافظة له ولماله ولولده وتنبت له ذرية صالحة يسعد بها