الرجل عليه يصبر على ما يصدر من لسان زوجته من أذى
الرجال عندما يكونوا أشداء في قيادة أنفسهم رحماء وأتقياء في تحمل الضعفاء وأخطائهم تجدهم في استجابة عظيمة للشريعة عندما تدفعهم لتحمل اعوجاج المرأة وخاصة فيما يصدر من الزوجة من أخطاء , فتجد الرجل من هؤلاء يعاملها برحمة ويراعي أن له منها الولد ويراعي مدة زواجهما ولو كان لسان المرأة لا يخرج إلا الفحش ويعلم أن في صبره على هذا ووعظه إياها بالحسنة يتحرك الخير الذي عندها وتقبل عليه وتفعل ما يرضيه
وبعض الرجال الذين قد يتحملون أشياء وأشياء لا يستطيعون تحملها مثل سلاطة لسان المرأة الدائم فقد أباحت الشريعة لهم طلاقها كما جاء عن لقيط بن صبرة قال { قلت يا رسول الله إن امرأتي في لسانها شيء , يعني البذاء , قال طلقها قلت إن لي منها ولداً , ولها صحبة قال فمرها , يقول عظها فإن يك فيها خير فستقبل , ولا تضربن ظعينتك ضربك أمتك } [24]
ومع مراعاة الشريعة للنفوس التي تتحمل أشياء وأشياء لا تتحملها بينت أن الرجل القوي الشخصية حقاً هو الذي لا يقدم شخصيته ومكانته ووضعه ولكن يقدم مقابلة أخطاء الضعفاء بالعفو والصفح والإحسان فيقابل ما يصدر من الزوجة برحمة , كعمر ابن الخطاب الذي من هيبته كانت النساء إذا شاهدنه وهن في مجلس رسول الله يتحشمن منه ويعقب رسول الله على ذلك بالعذر للنساء لأن عمر يهرب الشيطان من طريقه الذي يمشي فيه
{استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته فلما استأذن عمر تبادرن الحجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله أضحك الله سنك ما يضحكك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك تبادرن الحجاب فقال عمر فأنت يا رسول الله بأبي أنت وأمي كنت أحق أن يهبن ثم أقبل عليهن فقال أي عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلن نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إيه يا ابن الخطاب والذي نفس محمد بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك}[25]
ومع ذلك كيف كان عمر يرحم زوجته
جاء رجل يشتكي امرأته ولسانها لأمير المؤمنين عمر فلما بلغ بيت عمر فإذا هو يسمع امرأة عمر تتلسن على عمر فرجع الرجل فأحس به عمر فقال ما جاء بك قال جئت أشكي لك امرأتي فسمعت امرأتك فقال عمر إنها أنجبت لي الولد وترضعه وترعاه لي وتنظف لي ثيابي
هذه هي الرحمة من عمر بزوجته على شدته ومكانته
ومع هذا كان يوصي بناته بطاعة أزواجهن
يقول عمر{ وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصحت على امرأتي فراجعتني فأنكرت أن تراجعني فقالت ولم تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل فأفزعني فقلت خابت من فعل منهن بعظيم ثم جمعت علي ثيابي فدخلت على حفصة فقلت أي حفصة أتغاضب إحداكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل فقالت نعم فقلت خابت وخسرت أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم فتهلكين }[26]
تبين من هذه القصة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كنّ يَرُدَّنَّ القول على رسول الله بل ويهجرنّه وهو من ؟ هو أفضل الخلق أجمعين صاحب المقام المحمود ومن اللاتي صدر منهنّ ذلك ؟ أمهات المؤمنين أفضل نساء الأمة
فالرجل عندما يجد زوجته ترد عليه قوله لا يحزن فقد حدث لمن هو
أفضل منا جميعا وكان يصبر , وصدر ذلك من زوجات رسول الله ولا شك أنهن أفضل من نسائنا
وكما أن الشريعة منحت الرجل القوامة على المرأة أباحت للرجل الذي يريد أن يتنازل لامرأته عن بعض حقوقه من القوامة من أجل استمرار الحياة الزوجية
فلا حرج للرجل إذا وجد زوجته من أهل بيت نسائهم من نوع نساء الأنصار أي من النوع التي يرجع إليها إدارة الأمور فمع أن عمر يميل إلى أن تكون زمام الأمور مع الرجل إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم سكت عندما أخبره عمر ولم ينكر على رجال الأنصار أن يكون هذا حالهم بل تبسم
قال عمر { كنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم فذكره فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم }[27]
والزوج الذي يعلم أن المرأة تريده رجل صاحب شخصية قوية مع إحسانه إليها فيفعل ذلك كان أفضل , لأن المرأة تحب أن تشعر دائماً أنها تستند إلى رجل له شخصية قوية ذات قوة نفسية وذات اعتزاز بكلمتها وحريتها وكرامتها لأن هذا النوع هو الذي يستطيع أن يحمي المرأة
[24] صحيح ابن حبان 2/195 , البيهقي في الكبرى 7/303 , الحاكم وصححه , صححه الألباني في صحيح سنن أبي داوود 142
[25] المشكاة 6127 متفق عليه
[26] البخاري 5191
[27] البخاري 5191