الرجل عليه أن يلين الجانب لامرأته رغم عوجها كي يعيش بها
الرجل عليه أن يلين الجانب لامرأته , أي يعاملها بمدارة رغم عوجها كي يعيش بها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ إن المرأة خلقت من ضلع فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء}[33]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ إن المرأة خلقت من ضلع فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها}[34]
فيستحب المداراة لاستمالة النفوس وتأليف القلوب , وسياسة النساء تحتاج صبر على عوجهن ، والذي لا هم له إلا تقويمهن يفوته الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإِنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه ، فكأن الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها
{ إن المرأة خلقت من ضلع ، فإن تُقمهَا كسرتَهَا فدارِهَا فإن فيها أود وبلعة ( فيها عوج مبلوع )}[35]
وكل ما سبق مما رغبت الشريعة الرجل فيه لترقيق قلبه على زوجته يستطيع كل رجل أن يأتي به , والذي يتوهم أنه لا يقدر على ذلك فأن الشريعة كما تراعي القدرة تراعي صاحب الأوهام في زوجته
فالرجل الذي توهم أن زوجته لو اختلى بها أحد لا تمنعه ولا ترده مع أنها في الحقيقة لم يحدث منها ما توهمه إلا أن الشريعة راعت نفسيته وأباحت له الطلاق فقد أتى رجلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال{ يا رسول الله إن امرأتي لا تدع يد لامس قال طلقها , قال إني أحبها وهي جميلة قال فاستمتع منها }[36]
لما تبين للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يستطيع أن يتغلب على أوهامه ويتعامل بالحقيقة قال له استمتع منها لأن حقيقة المرأة أنها لم تقع في فحش , ومراد الرجل بكلامه أن سجيتها لا ترد يد لامس لا أن المراد أن هذا واقع منها وأنها تفعل الفاحشة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها فإن زوجها والحالة هذه يكون ديوثاً , ولكن لما كانت سجيتها هكذا على توهمه ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها لو خلا بها أحد , أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقها , فلما ذكر أنه يحبها أباح له البقاء معها لأن محبته لها محققة ووقوع الفاحشة منها متوهم فلا يصار إلى الضرر العاجل لتوهم الآجل [37]
فالذين لا يستطيعون أن ينصرفوا عن توهمهم في نسائهم ويقدمون الوهم على الحقيقة أباحت لهم الشريعة الطلاق إن كان فيه راحة أنفسهم , وأما الذي لا يجري وراء أوهامه ويقدم الحقيقة على التوهم فهو ممن تحمله تقواه على تحمل الضعفاء وأخطائهم وأشد الضعفاء المرأة وأكثر الأخطاء اعوجاجها والصابر على عوجها يكون من الرجال الأشد تقوى لله وصبرا على الضعفاء ابتغاء وجه الله وتقديم رضا الله على رضا نفسه , وهذه النوعية من الرجال تفهم من مخاطبة رسول صلى الله عليه وسلم الرجال لترقيق قلوبهم على النساء أن هذا ترغيب شديد للرجال في العفو والصفح , فمن وصيته صلى الله عليه وسلم { استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع
واضربوهن ضربا غير مبرح }[38]
يعلم الرجل أنه في حالة إتيان المرأة بفاحشة مبينة رغبته الشريعة في أن يعاقب بالهجر في الجماع وبضرب دون أذي , فما كان غير الفاحشة فهو أهون فيعلم أن عليه أن يتساهل ويتسامح في غير ذلك
ومع ترغيبه صلى الله عليه وسلم للرجال في العفو والصفح بينت الشريعة أنه عند وقوع فاحشة بالفعل من المرأة فإن الزوج يلاعنها أو على الأقل يطلقها , بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أشاد بغيرة سعد
قال سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيفِ غير مصفَّحٍ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: { أتعجبون من غيرة سعد أنا أغير من سعد والله أغير }[39]
فالرجل عليه أن يستمتع بامرأته على كل ما فيها من عوج ويترك ما يتوهمه في الزوجة من اعوجاج مادام أنها في الحقيقة لم تقع فيما توهمه فعليه أن يتعامل معها على الحقيقة