صلاة التراويح في رمضان
1- صلاة التراويح
صلاة التراويح هي القيام في ليالي رمضان بعد صلاة العشاء
التراويح جمع ترويحة وهي المرة الواحدة من الراحة
وسميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين ( [1] )
صلاة التراويح سنة مؤكَّدة سنَّها النبي صلى الله عليه وسلّم لأمته
دلّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
{من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه} ( [2] )
ويُستحب أن يُصلى مع الإمام حتى ينصرف
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة } ( [3] )
وإن نام بعد على فراشه
2- مشروعية الجما عة في قيام رمضان
عن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج من جوف الليل ، فصلى في المسجد ، فصلى رجال بصلاته ، فأصبح الناس يتحدثون بذلك ، فاجتمع أكثر منهم ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الليلة الثانية، فصلوا بصلاته ، فأصبح الناس يذكرون ذلك ، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة ، فخرج فصلوا بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله ، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق رجال منهم يقولون : الصلاة ، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى خرج لصلاة الفجر ، فلما قضى الفجر أقبل على الناس ، ثم تشهد ، فقال : أما بعد فإنه لم يخف عليَّ شأنكم الليلة ، ولكني خشيت أن تُفرض عليكم صلاة الليل ، فتعجزوا عنها} ( [4])
فقد قام بأصحابه ثلاث ليالٍ ، ولكنه صلى الله عليه وسلّم ترك ذلك خوفاً من أن تُفرض عليهم ، ثم بقي المسلمون بعد ذلك في عهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر، ثم جمعهم أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه على تميم الداري وأُبيّ بن كعب ، فصاروا يصلون جماعة إلى يومنا هذا ولله الحمد وهي سُنَّة في رمضان ( [5] )
فعن عبد الرحمن بن عبد قال:{ خرجت مع عمر رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ، يُصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط ، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب} ( [6] )
3- عدد الركعات
ليس لقيام رمضان عدد معين على سبيل الوجوب
والسُّنَّة أن يقتصر على إحدى عشرة ركعة ، يسلِّم من كل ركعتين , لأن عائشة رضي الله عنها سئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان ؟ فقالت: {ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة} ( [7] )
والمحافظة على العدد الذي جاءت به السُّنَّة مع التأنِّي والتطويل الذي لا يشق على الناس أفضل وأكمل ( [8] )
4- ذهاب الناس لصلاة التراويح خلف إمام معين
بعض الناس مّمن يُحبُّ الخير والتقرُّب إلى الله يذهب بعيداً أو قريباً للصلاة في ليالي شهر رمضان المبارك خلف إمام معين ، بغية خشوع هذا الإمام وقراءته الجيدة ، فهذا فعل مشروع لأن القلب يخشع ويخضع عند سماع القرآن من القارئ الذي يتقن القراءة ، ويتغنّى بالقرآن ، ويجيد التلاوة ، ويكون حسن الصوت ، يظهر من قراءته أنه يخاف الله تعالى , فإذا وجد الإنسان الخشوع ، وحضور القلب خلف الإمام الذي يكون كذلك ، فله أن يُصلي خلفه ، وله أن يأتي إليه من مكان بعيد أو قريب ، ليحصل له الاستفادة والإِخبات في صلاته ، وليتأثر بهذه القراءة التي يسمعها ، ويخشع لها ، فينصرف وقد ازداد إيماناً ، واطمأنَّ إلى كلام الله تعالى وأحبّه ، فيحمله ذلك على أن يألف القراءة ويكثر منها ، ويتدبّر كتاب الله ، ويقرؤه للاستفادة ، ويحرص على تطبيقه والعمل به ، ويتلوه حق تلاوته ، ويحاول تحسين صوته بالقرآن
فعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : {ليس منّا من لم يتغنَّ بالقرآن} ( [9] )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ما أذن الله لشيء كما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به} ([10])
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
{زينوا القرآن بأصواتكم }( [11] )
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
{حسِّنوا القرآن بأصواتكم ، فإنَّ الصوت الحسن يزيد القرآن حُسْناً} ([12])
فمن هذه الأدلة يباح اختيار الإمام الذي يجيد القرآن ، ويكون حسن الصوت به والترتيل ، وإذا كان بعيداً فالذهاب إليه أكثر أجراً ، لما يكتب من الخطوات والذهاب والمجيء ( [13] )
ولا بأس بحضور النساء صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة ، بشرط أن يخرجن محتشمات غير متبرجات بزينة ولا متطيبات ( [14] )
[1] ابن حجر في الفتح 4/294
[2] البخاري 2009
[3] الترمذي 806 وقال حسن صحيح , صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 1327
[4] البخاري 924 , مسلم 6/285
[5] ابن عثيمين 48 سؤال في الصيام س36
[6] البخاري 2010
[7] البخاري 2013 , مسلم 6/260
وإن زاد على إحدى عشرة ركعة فلا حرج , لأن النبي صلى الله عليه وسلّم سُئِل عن قيام الليل فقال:{مثنى . مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلَّى ركعة واحدة توتر له ما قد صلَّى} البخاري 990 , مسلم 6/272
[8] ابن عثيمين فصول في الصيام والترويح الفصل الخامس
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : له أن يُصليها عشرين ركعة ، كما هو المشهور في مذهب أحمد والشافعي ، وله أن يُصليها ستاً وثلاثين ركعة , كما هو مذهب مالك ، وله أن يُصلي إحدى عشرة ، وثلاث عشرة ، وكله حسن ، فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام وقصره ، وقال: الأفضل يختلف باختلاف المصلين ، فإن كان فيهم احتمال بعشر ركعات ، وثلاث بعدها ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره فهو الأفضل ، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل ، وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين ، فإنه وسط بين العشر والأربعين ، وإن قام بأربعين أو غيرها جاز ، ولا يكره شيء من ذلك ، ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقَّت لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، فقد أخطأ
ومن كلام شيخ الإسلام المذكور وغيره من الآثار يُعلم أن قيام الليل يحدد بالزمان ، لا بعدد الركعات ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي إحدى عشرة ركعة ، في نحو خمس ساعات ، وأحياناً في الليل كله ، حتى يخشوا أن يفوتهم الفلاح يعني السحور، وذلك يستدعي طول القيام ، بحيث تكون الرّكعة في نحو أربعين دقيقة ، وكان الصحابة يفعلون ذلك ، بحيث يعتمدون على العصي من طول القيام ، فإذا شق عليهم طول القيام والأركان خففوا من الطول ، وزادوا في عدد الركعات ، حتى يستغرق صلاتهم جميع الليل ، أو أغلبه ، فهذا سنة الصحابة في تكثير الركعات ، مع تخفيف الأركان ، أو تقليل الركعات مع إطالة الأركان ، ولم ينكر بعضهم على بعض ، فالكل على حقّ ، والجميع عبادة يُرجى قبولها ومضاعفتها
[9] البخاري 5024 , أبو داوود 1471
[10] البخاري 5024 , مسلم 6/319 , التغني بالقرآن المقصود به تحسن الصوت بالقرآن وتحسين تلاوته التي فيها تجويده وإخراج خروفه من مخارجها الصحيحة وليس المقصود بالتغني به أن يغنيه الطرب بالألحان الموسيقية أو كالتواشيح
[11] أبو داوود 1471 , صححه الألباني في الصحيحة 771
[12] الدارمي 2/474 , صححه الألباني في المشكاة 2208
[13] الشيخ ابن جبرين حفظه الله