استعاذة شاملة جامعة
شرع لنا استعاذة عامة شاملة وهي قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين فهي تكفي الإنسان من كل ما يستعاذ منه
لأن هذه السور تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور عمومًا وخصوصًا
وسنبدأ بها بعد تعريف الاستعاذة
الاستعاذة معناها عياذة ولياذة
فالإنسان عندما يستعيذ هو يطلب من الله ربه أمران هما عياذة ولياذة أي يطلب من الله تعالى أن يعيذه من شر هذا الشيء الذي يتعوذ منه حتى لا يضره في دينه أو دنياه أو عاقبة أمره ويطلب من الله ربه أن يلوذ بحماه وحفظه وأمنه وحصنه مما استعاذ منه
ومن التجئ واعتصم باللّه، واحتماء بحماه فإنه تعالى سَمِيعٌ لما يقول عَلِيمٌ بنيته وضعفه، وقوة التجائه لله، فسيحميه ويقيه مما استعاذ منه
فإن عياذة الإنسان لياذة بالرحمن
فإن الله عز وجل معاذ من عاذ به وملجأُ من لجأَ إِليه
ومن أعظم ما استعيذ به هذه الاستعاذة العامة الشاملة الجامعة
عن عقبة بن عامر الجهني قال بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته في غزوة إذ قال يا عقبة قل فاستمعت ثم قال يا عقبة قل فاستمعت فقالها الثالثة فقلت ما أقول فقال قل هو الله أحد فقرأ السورة حتى ختمها ثم قرأ قل أعوذ برب الفلق وقرأت معه حتى ختمها ثم قرأ قل أعوذ برب الناس فقرأت معه حتى ختمها ثم قال ما تعوذ بمثلهن أحد
فبين صلى الله عليه وسلم ما تعوذ بمثل هذه السور أحد
وفي رواية قال لم يتعوذ الناس بمثلهن ولا يتعوذ الناس بمثلهن
لماذا ما تعوذ بمثلهن أحد لأنهن أفضل ما تعوذ به المتعوذون
فعن ابن عابس الجهني أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا ابن عابس ألا أدلك أو قال ألا أخبرك بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون قال بلى يا رسول الله قال قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس هاتين السورتين
وكان صلى الله عليه وسلم وهو المحفوظ برعاية الله وحفظه عندما يتعرض للظلمة والريح الشديدة يتعوذ بهذه السور
فعن عقبة بن عامر قال بينا أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الجحفة والأبواء إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ ب ( أعوذ برب الفلق ) و( أعوذ برب الناس ) ويقول يا عقبة تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما
وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالمعوذات إذا مرض ويعوذ بهن من مرض من أهله
فعن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده
وعنها رضي الله عنها قالت كان إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات
عن أبي سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من أعين الجان وعين الإنسان فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما.
وبين لنا صلى الله عليه وسلم أن المعوذتين من خير ما أنزل من السور وخير ما قرأ به الناس ولذا وجهنا لأن نأتي بها عند النوم وعند الاستيقاظ
فعن عقبة بن عامر قال بينا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نقب من تلك النقاب إذ قال ألا تركب يا عقبة فأجللت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أركب مركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال ألا تركب يا عقبة فأشفقت أن يكون معصية فنزل وركبت هنيهة ونزلت وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس فأقرأني قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فأقيمت الصلاة فتقدم فقرأ بهما ثم مر بي فقال كيف رأيت يا عقبة بن عامر اقرأ بهما كلما نمت وقمت
وكما كان صلى الله عليه وسلم يوجهنا كان هو يأتي بهن عند النوم فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما ( قل هو الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس )
ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات
لماذا يوجهنا صلى الله عليه وسلم للإتيان بالمعوذات عند إقبالنا على تغير أحوالنا من يقظة إلى نوم ومن نوم إلى يقظة وهي الأحوال التي يحتاج الإنسان أن يشعر بالأمان والحماية مما يخافه ويستعاذ منه يوجهنا صلى الله عليه وسلم للإتيان بهما لأنه ما سأل عبد ربه شيء بمثلهما وما تعوذ متعوذ بمثلهما
فعن عقبة بن عامر قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عقبة قل فقلت ماذا أقول يا رسول الله فسكت عني ثم قال يا عقبة قل قلت ماذا أقول يا رسول الله فسكت عني فقلت اللهم اردده علي فقال يا عقبة قل قلت ماذا أقول يا رسول الله فقال قل أعوذ برب الفلق فقرأتها حتى أتيت على آخرها ثم قال قل قلت ماذا أقول يا رسول الله قال قل أعوذ برب الناس فقرأتها حتى أتيت على آخرها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك ما سأل سائل بمثلهما ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما
قد يتقلل البعض هذه السور لصغرها كما حدث من عامر الجهني رضي الله عنه لما وجده صلى الله عليه وسلم لم يفرح بها جداً وطلب عامر من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأه سور من الطوال مثل هود أو يوسف فبين له صلى الله عليه وسلم أنه لا يقرأ سورة أحب ولا أبلغ عند الله من سورة الفلق
فعن عقبة بن عامر قال أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة شهباء فركبها وأخذ عقبة يقودها به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة اقرأ قال وما أقرأ يا رسول الله قال اقرأ قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق فأعادها علي حتى قرأتها فعرف أني لم أفرح بها جدا قال لعلك تهاونت بها فما قمت يعني بمثلها .
وعنه رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أقرئني آيا من سورة هود وآيا من سورة يوسف فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عقبة بن عامر إنك لن تقرأ سورة أحب إلى الله ولا أبلغ عنده من أن تقرأ قل أعوذ برب الفلق
فإن استطعت أن لا تفوتك في الصلاة فافعل
ووجهنا صلى الله عليه وسلم للقراءة بهما وبين أنه لا يقرأ بمثلهما
فعن جابر بن عبد الله قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ يا جابر قلت وماذا أقرأ بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال اقرأ قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فقرأتهما فقال اقرأ بهما ولن تقرأ بمثلهما
وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم أنزل علي آيات لم ير مثلهن قل أعوذ برب الفلق إلى آخر السورة و قل أعوذ برب الناس إلى آخر السورة
ولعظم هذا التعوذات العامة الجامعة الشامة لكل ما يحتاج إليه الإنسان منا وجهنا صلى الله عليه وسلم أن نأتي بهذه السور الثلاثة قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات في الصباح وثلاث مرات في المساء لتكفينا كل شيء ونأتي بها بعد كل صلاة
فعن عقبة بن عامر قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة
وعن عبد الله بن خبيب قال خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركناه فقال قل قلت ما أقول قال قل هو الله أحد والمعوذتين حين تصبح وحين تمسي ثلاث مرات تكفيك من كل شيء