![]() |
أوصيك أن تستحي من الله
{ أوصيك أن تستحي من الله عز وجل كما تستحي رجلا من صالحي قومك } الألباني 2 / 376 في الصحيحة قلت و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات
هذه أبلغ موعظة وأبين دلالة بأوجز إيجاز وأوضح بيان إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح وذوي الهيئات والفضل أن يراه وهو فاعله
والله مطلع على جميع أفعال خلقه
فالعبد إذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه تجنب جميع المعاصي الظاهرة والباطنة
فيا لها من وصية ما أبلغها وموعظة ما أجمعها.
فينبغي على الإنسان إذا هم بقبيح أن يتصور أحدا من نفسه كأنه يراه فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ولذلك لا يستحي من الحيوان ولا من الأطفال ولا من الذين لا يميزون ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة البشر ثم نفسه ثم الله تعالى
ومن استحى من الناس ولم يستحي من نفسه فنفسه عنده أخس من غيره ومن استحى منها ولم يستح من الله فلعدم معرفته بالله
ففي هذه الوصية حث على معرفة الله تعالى.
أوصيك بتقوى الله
عن أبي سعيد الخدري أن رجلا جاءه فقال أوصني فقال سألت عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبلك فقال { أوصيك بتقوى الله ، فإنه رأس كل شيء وعليك بالجهاد ، فإنه رهبانية الإسلام وعليك بذكر الله و تلاوة القرآن ، فإنه روحك في السماء و ذكرك في الأرض } الألباني 555 في الصحيحة قلت وفاته إسناد أحمد و الحديث بمجموع الطريقين عندي حسن , و555صححه في الصحيحة المختصرة
أوصيك بتقوى الله بأن تطيعه فلا تعصه وتشكره فلا تكفره والتقوى أس كل فلاح ونجاح في الدارين
ليس في العالم خصلة للعبد أجمع للخير وأعظم للأجر وأجل في العبودية وأعظم في القدر وأدنى بالحال وأنجع للآمال من هذه الخصلة التي هي التقوى وإلا لما أوصى الله بها خواص خلقه فهي الغاية
قد جمع الله فيها كل نصح ودلالة وإرشاد وتأديب وتعليم
فهي الجامعة لخيري الدارين الكافية لجميع المهمات المبلغة إلى أعلى الدرجات
أوصيك بتقوى الله تعالى فإنه رأس كل شئ إذ التقوى وإن قل لفظها جامعة لحق الحق والخلق شاملة لخير الدارين إذ هي تجنب كل منهي وفعل كل مأمور
ومن اتقى الله حفظه من أعدائه ونجاه من الشدائد ورزقه من حيث لا يحتسب وأصلح عمله وغفر زلله وتكفل له أمره وجعل له نورا يمشي به بين يديه وقبله وأكرمه وأعزه ونجاه من النار إلى غير ذلك
وعليك بالجهاد أي الزمه فإنه رهبانية الإسلام أي أن الرهبان وإن تخلوا عن الدنيا وزهدوا فيها فلا تخلي ولا زهد أفضل من بذل النفس في سبيل الله فكما أن الرهبانية أفضل عمل أولئك فالجهاد أفضل عملنا والرهبانية ما يتكلفه النصارى من أنواع المجاهدات والتبتل
وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن
عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء يعني يذكرك الملأ الأعلى بسببه بخير
ونور لك في الأرض
أي بهاء وضياء يعلو بين أهل الأرض وهذا كالمشاهد المحسوس فيمن لازم تلاوته بشرطها من الخشوع والتدبر والإخلاص.
فعلى كل ذي علم أن لا يغفل عن هذه المنة والقيام بشكرها
وعليك بطول الصمت
أي الزم السكوت إلا في خير كتلاوة وعلم وإنذار مشرف على هلاك وإصلاح بين الناس ونصيحة وغير ذلك
فإنه مطردة للشيطان أي مبعدة له عنك
أبعده ونحاه ونفاه وقال له اذهب عنا
وعون لك على أمر دينك أي ظهير ومساعد لك عليه
إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب
أي يغمسه في الظلمات فيصيره كالأموات
أي كثرة الضحك تورث قسوة القلب وهي مفضية إلى الغفلة وليس موت القلب إلا الغفلة
ويذهب بنور الوجه
أي بإشراقه وضيائه وبهائه
واعتياد الضحك شاغل عن النظر في الأمور المهمة مذهل عن الفكر في النوائب
وليس لمن أكثر منه هيبة ولا وقار ولا لمن وسم به خطر ولا مقدار
كثرة الضحك والفرح بالدنيا سم قاتل يسري إلى العروق فيخرج من القلب الخوف والحزن وذكر الموت وأهوال القيامة وهذا هو موت القلب
أحب المساكين أي الفقراء
وجالسهم فإن مجالستهم ترق القلب وتزيد في التواضع وتدفع الكبر
انظر إلى من هو تحتك
أي دونك في الأمور الدنيوية ولا تنظر إلى من هو فوقك فيها
فإنه أجدر أي أحق أن لا تزدري نعمة الله عندك
أما في الأمور الأخروية فينظر إلى من فوقه
أوصيك بتقوى الله في السرك والعلن
النبي صلى الله عليه وسلم قال
{ستة أيام ثم اعقل يا أبا ذر ما يقال لك بعد فلما كان اليوم السابع قال
أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته وإذا أسأت فأحسن ولا تسألن أحدا شيئا وإن سقط سوطك ولا تقبضن أمانة } حسنه الألباني لغيره 3161 في الرغيب
أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته
أي في باطنه وظاهره والقصد الوصية بإخلاص التقوى وتجنب الرياء فيها
وإذا أردنا تحديد التقوى على موضع علم السر نقول الحد الجامع تبرئة القلب عن شر لم يسبق عنك مثله بقوة العزم على تركه حتى يصير كذلك وقاية بينك وبين كل شر
وهنا أصل أصيل وهو أن العبادة شطران اكتساب وهو فعل الطاعات واجتناب وهو تجنب السيئات وهو التقوى وشطر الاجتناب أصلح وأفضل وأشرف للعبد من الاكتساب يصوموا نهارهم ويقوموا ليلهم واشتغل المنتبهون أولو البصائر والاجتناب إنما همتهم حفظ القلوب عن الميل لغيره تعالى والبطون عن الفضول والألسنة عن اللغو والأعين عن النظر إلى ما لا يعنيهم
وإذا أسأت فأحسن
إن الحسنات يذهبن السيئات
ولا تسألن أحدا من الخلق شيئا من الرزق
ارتقاء إلى مقام التوكل فلا تعلق قلبك بأحد من الخلق بل بوعد الله وحسن كفايته وضمانه
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها
وقد قال أهل الحق ما سأل إنسان الناس إلا لجهله بالله تعالى وضعف يقينه بل إيمانه وقلة صبره وما تعفف متعفف إلا لوفور علمه بالله وتزايد معرفته به وكثرة حيائه منه
ولا تقبض أمانة
وديعة أو نحوها
فهو أمين
والنهي للتحريم إن عجز عن حفظها وللكراهة إن قدر ولم يثق بأمان نفسه وإن وثق بأمانة نفسه فإن قدر ووثق ندب بل إن تعين وجب
ولا تقض بين اثنين
لخطر أمر القضاء وحسبك في خطره خير من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين والخطاب لأبي ذر وكان يضعف عن ذلك كما صرح به في الحديث
{ أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف } صححه الألباني 1730 في الصحيحة
التكبير على كل شرف
أي محل عال من أشرف فلان إلى كذا إذا تطاول له ورماه ببصره
ومنه قيل للشريف شريف لارتفاعه على من دونه
وهذا قاله لمن قال له أريد سفرا فأوصني فذكره فلما ولى الرجل قال اللهم ازوي له الأرض وهون عليه السفر
وكان النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه إذا علوا الثنايا كبروا وإذا هبطوا سبحوا فوضعت الصلاة على ذلك
قلت يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوى الله فإنها رأس الأمر كله
قلت يا رسول الله زدني
قال عليك بتلاوة القرآن وذكر الله عز وجل فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء
قلت يا رسول الله زدني قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه
قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي
قلت يا رسول الله زدني قال أحب المساكين وجالسهم
قلت يا رسول الله زدني
قال انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى ما هو فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك
قلت يا رسول الله زدني قال قل الحق وإن كان مرا
أوصيك ألا تكون لعاناً
{ أوصيك أن لا تكون لعانا } الألباني 1729 في الصحيحة إسناده صحيح
{فلما مضى قال اللهم ازو له الأرض وهون عليه السفر } قال الترمذي حديث حسن
أوصيكم بأصحاب رسول الله
تحقيق الألباني :
صحيح ، ابن ماجة ( 2363 )
2795 (أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم) أي أهل القرن الثاني قال ابن العربي : أوصيكم بأصحابي إلخ وليس هناك أحد غيرهم يكون الموصى به غيرهم وإنما المراد ولاة أمورهم فكانت هذه وصية على العموم (ثم) بعد ذلك (يفشوا الكذب) أي ينتشر بين الناس بغير نكير (حتى يحلف الرجل)
فيض القدير (3/ 102):
تبرعا (ولا يستحلف) أي لا يطلب منه الحلف لجرأته على الله (ويشهد الشاهد ولا يستشهد) أي لا يطلب منه الشهادة يجعل ذلك منصوبة لشئ يتوقعه من حطام الدنيا قال ابن العربي : وقد وجدنا وقوع ذلك في القرن الثاني لكنه قليل ثم زاد في الثالث ثم كثر في الرابع وقوله يحلف ولا يستحلف إشارة إلى قلة الثقة بمجرد الخبر لغلبة التهمة حتى يؤكد خبره باليمين وقوله يشهد ولا يستشهد أي يبديها من قبل نفسه زورا (ألا لا يخلون رجل بامرأة) أي أجنبية (إلا كان الشيطان ثالثهما) بالوسوسة وتهييج الشهوة ورفع الحياء وتسويل المعصية حتى يجمع بينهما بالجماع أو فيما دونه من مقدماته التي توشك أن توقع فيه والنهي للتحريم واستثنى ابن جرير كالثوري ما منه بد كخلوته بأمة زوجته التي
تخدمه حال غيبتها (وعليكم بالجماعة) أي أركان الدين والسواد الأعظم من أهل السنة أي الزموا هديهم فيجب اتباع ما هم عليه من العقائد والقواعد وأحكام الدين قال ابن جرير : وإن كان الإمام في غيرهم وعلم منه أن الأمة إذا أجمعت على شئ لم يجز خلافها (وإياكم والفرقة) أي احذروا الإنفصال عنها ومفارقتهم ما أمكن يقال فرقت بين الشيئين فصلت بينهما وفرقت بين الحق والباطل فصلت أيضا (فإن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد ، من أراد بحبوحة الجنة) بضم الموحدتين أي من أراد أن يسكن وسطها وأخصبها وأحسنها وأوسعها مكانا قال في الصحاح : بحبوحة الدار بضم الباءين وسطها قال الزمخشري : ومن المجاز تبحبح في الأمر توسع فيه من بحبوحة الدار وهي وسطها وتبحبحت العرب في لغاتها اتسعت فيها (فليلزم الجماعة) فإن من شذ انفرد بمذهبه عن مذاهب الأمة فقد خرج عن الحق لأن الحق لا يخرج عن جماعتها.
قال الغزالي : ولا تناقض بين هذا وبين الأخبار الآمرة بالعزلة إذ لا تجتمع الأمة على ضلالة فخرق الإجماع والحكم بالعزلة نحو الزم بيتك وعليك بخاصة نفسك لأن قوله عليكم بالجماعة إلخ يحتمل ثلاثة أوجه : أحدها أنه يعني به في الدين والحكم إذ لا تجتمع الأمة على ضلالة فخرق الإجماع والحكم بخلاف ما عليه جمهور الأمة والشذوذ عنهم ضلال وليس منه من يعتزل عنهم لصلاح دينه ، الثاني عليكم بالجماعة بأن لا تنقطعوا عنهما في نحو الجمع والجماعات فإن فيها جمال الإسلام وقوة الدين وغيظ الكفار والملحدين ، الثالث أن ذلك في زمن الفتنة للرجل الضعيف في أمر الدين (من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن) أي الكامل لأنه لا أحد يفعل ذلك إلا لعلمه بأن له ربا على حسناته مثيبا وسيئاته مجازيا ومن كان كذلك فهو لتوحيد الله مخلصا قال ابن جرير : وفيه تكذيب المعتزلة في إخراجهم أهل الكبائر من الإيمان فإنه سمى أهل الإساءة مؤمنين وإبطال لقول الخوارج هم كافرون وإن أقروا بالإسلام (حم ت ك عن عمر) بن الخطاب قال الترمذي حسن صحيح وقال الحاكم على شرطهما.
أوصيكم بالجار
2573 - ( صحيح )
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته الجدعاء في حجة الوداع يقول أوصيكم بالجار حتى أكثر فقلت إنه يورثه رواه الطبراني بإسناد جيد
4313 - أوصيكم بالجار .
تخريج السيوطي
( الخرائطي في مكارم الأخلاق ) عن أبي أمامة .
تحقيق الألباني
( صحيح ) انظر حديث رقم : 2548 في صحيح الجامع .
(أوصيكم بالجار) أي بالإحسان إليه وكف صنوف الأذى والضرر عنه وإكرامه بسائر الممكن من وجوه الإكرام لما له من الحق المؤكد الذي ما يزال جبريل عليه السلام يؤكد فيه حتى كاد
يورثه قال بعض العارفين : احفظ حق الجوار والجار وقدم الأقرب دارا وتفقدهم بما أنعم الله به عليك فإنك مسؤول وادفع عنهم الضرر وأردف عليهم الإحسان وما سمي جارا لك إلا لميلك بالإحسان له ودفع الضرر عنه وميله لك بذلك من جار إذا مال إذ الجور الميل فمن جعله من الميل إلى الباطل الذي هو الجور عرفا فهو كمن يسمي اللديغ سليما في القبض وإن كان الجار من أهل الجور أي الميل إلى الباطل بكفر أو فسق فلا يمنعك ذلك من رعاية حقه.
قيل : نزل جراد بفناء شريف من العرب فخرج أهل الحي ليأكلوه فسمع أصواتهم فخرج من خبائه وقال : ما تبغون قالوا : جارك الجراد فقال : إذ سميتموه جاري لأقاتلنكم عنه فقاتلهم حتى دفع عنه لكونهم سموه جارا (الخرائطي في) كتاب (مكارم الأخلاق عن أبي أمامة) الباهلي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته الجذعاء في حجة الوداع يقول أوصيكم بالجار حتى أكثر فقلنا إنه سيورثه انتهى وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من الخرائطي وهو غفلة فقد رواه الطبراني باللفظ المزبور عن أبي أمامة المذكور قال المنذري والهيثمي وإسناده جيد.
أوصيك ألا تكون لعاناً
{ أوصيك أن لا تكون لعانا } الألباني 1729 في الصحيحة إسناده صحيح
{فلما مضى قال اللهم ازو له الأرض وهون عليه السفر } قال الترمذي حديث حسن