الابتعاد عن فتنة النساء خوفاً من الله
رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال إني أخاف الله
الدعوة التي يتعرض لها الرجل من امرأة بهذه المواصفات النادرة ذات منصب وجمال ويرفضها خوفاً من الله منها ما هي دعوة إلى حرام ومنها ما هي دعوة إلى حلال
دعوة حرام من امرأة لرجل
دعوة حرام من امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها هي الدعوة التي تتبادر إلى الذهن من أول وهلة والتي جاءت صريحة بلفظ دعته امرأة إلى الزنا بها ذات حسب
أي عرضت نفسها عليه لعمل الفاحشة
كما حدث من امرأة العزيز ليوسف عليه السلام
فرجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ويعني بالمنصب النسب والحسب الذي يعده الإنسان مِن مفاخر آبائه وهو من الخصال الحميدة له ولآبائه والشرف والرفعة فِي الدنيا ، فإذا اجتمع ذلك مع الجمال فقد كمل الأمر وقويت الرغبة ، فإن كانت مع ذلك هي الطالبة الداعية إلي نفسها ، كَانَ أعظم وأعظم ، فإن الامتناع بعد ذلك كله دليل على تقديم خوف الله على هوى النفس
والصبر عن الموصوفة بما ذكر من أكمل المراتب لكثرة الرغبة في مثلها وعسر تحصيلها لا سميا وقد أغنت عن مشاق التوصل إليها بمراودة ونحوها
فقال إني أخاف اللَّه رب العالمين سواء قال لها بلسانه أو قالها بقلبه ليزجر نفسه فمنع نفسه بذلك عما دعته إليه
فهذا لا يصدر إلا عن شدة خوف من اللَّه تعالى ومتين تقوى وحياء
فإنه آثر نار المخالفة لبواعث الشهوة خوفاً من الله فهرب إلى الله فلما هرب إليه آواه إليه في الآخرة بظله حفظاً وتكريماً
كم الفرق بين هذا الرجل العفيف وبين رجل يعجب بفنانة ممثلة أو مغنية أو راقصة لمجرد أن شاهد لها صورة أو شاهدها في فيلم أو مسلسل فيديو كليب أو شاهد لها منظر إباحة جعله متعلق القلب بها وهي لا تعلم بحاله أصلاً ويتمنى الوصول إليها بكل ما يملك وهو على يقين أنه لا يمكن أن يتم الوصول إليها ومع ذلك يستمر في بذل النفيس والغالي لهذه الأمنية ولو كانت ضحيته في ذلك زوجته أم أولاده التي عفها وسار لا يتقبلها منذ أن عرف هذه المشاهد
وقارن أيضاً بين الرجل العفيف الذي يخاف الله وبين رجل لمجرد أن وصفت له زوجته امرأة أخرى وكانت امرأة عفيفة ملتزمة فيعجب بها ويسعى للوقوع عليها فيقتل زوجها ويغتصبها قهراً ثم يقتلها
دعوة حلال من امرأة لرجل
دعوة حلال من امرأة ذات منصب وجمال للنكاح من نفسها أي دعته إلى التزوج بها فخاف أن ينشغل عن العبادة بالافتتان بها أو خاف أن لا يقوم بحقها لشغله بالعبادة عن التكسب بما يليق بها فتركها لجلال الله
دعوة زواج لرجل من امرأة تتمتع بأكمل الأوصاف التي جرت العادة بالرغبة في مثلها لما لها من المنصِب المحتفي بالجاه والمال مع الجمال وقل ما يجتمع ذلك في امرأة من النساء ثم يقول إني أخف اللَّه سواء أظهر لها وجه امتناعه عليها أم لم يظهره دل على شدة خوفه من الله
فالصبر عنها لخوف اللَّه وقد دعته من أكمل المراتب وأعظم الطاعات فامتناعه لمخافة الله عز وجل وإيثارا لما عند اللّه تعالى يجازى من الله الكريم العليم بأن يُظله في ظله يوم لا ظل إلا ظله