إنظار المعسر
أو الوضع عنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله في ظله } [1]
إن الإنسان الذي له دين من قرض أعطاه لإنسان غيره أو معاملة سواء أموال أو حقوق وعجز هذا الإنسان عندما حان موعد السداد عن الوفاء بالحقوق التي عليه فصبر عليه صاحب الحقوق أو أعفى عنه فإن الله يظله يوم لا ظل إلا ظله لأن هذا الكريم صاحب العفو من حقه أن يشتكيه ويقاضيه في المحاكم لكنه لم يعامله من هذه الجهة رغم أن الشرع يجوز له ذلك إذا أراد لكن عامله من الوجه الأعظم وجه الإحسان الذي تندب إليه الشريعة وتحبب وترغب فيه وهو العفو والتجاوز عن حقوقه عند المعسر ابتغاء مرضاة الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله}[2]
إن الذي ينظر المعسر ابتغاء وجه الله، وابتغاء مرضاته ويرحمه فلا يعرضه للقضايا في المحاكم وإهانة الحبس فقد أحسن وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثلاه صدقة} ([3])
فإن صاحب الدين له صدقة كل يوم بالمبلغ الذي له عند المديون قبل أن يحل موعد السداد للدين فإذا حل موعد السداد وتعسر المديون عن السداد فإن لصاحب الدين إذا أنظره صدقة عن كل يوم ضعف المبلغ حتى يسدد أو يلقى الله
هذا يجده في ميزان حسناته من فضل الله أكرم الأكرمين الذي لا يخيب عبده بإحسانه ورحمته فيكرمه بفضله علاوة على ما سبق بأن يحفظه من أهوال وكروب يوم القيامة بظل عرشه العظيم
{من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة } [4]
فَإِذَا أُعْسِرَ الْمَدْيُونُ فعلى الدائن َنَظِرَه إِلَى مَيْسَرَةٍ
فإذا أعسر المديون فعلى الدائن نظره إلى ميسرة
إنظاره حتى يستطيع السداد ولا يسعى لحبسه أو ضربه بل عليه أن يسقط عنه الدين أو يسقط بعضه لأن الجزاء على كرم الأخلاق هذه عظيم ليس فقط أن يتجاوز عنه الله يوم القيامة كما تجاوز عن المعسر ويظله الله بظله ولكن يكون من أوائل من يظلهم الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ إن أول الناس يستظل في ظل الله يوم القيامة لرجل أنظر معسرا حتى يجد شيئا أو تصدق عليه بما يطلبه يقول مالي عليك صدقة ابتغاء وجه الله }[5]
فمن سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه حتى ولو لم يكن هو صاحب الدين كهؤلاء الناس الطيبة الكريمة التي تذهب للسجون لتدفع عن المحبوسين بإعسار فتسد من ديونهم وتخرجهم من كروبهم فهؤلاء سوف يكرمهم الله ويخرجهم من كروب يوم القيامة ويظلهم بظله
فأنظار المعسر ابتغاء وجه الله من خصال تبليغ الظلال الذي نسعى لتحصيلها
[1] ابن ماجه 2419 , الحاكم 2/28-29وصححه , صححه الألباني 894
[2] الترمذي 1302 وقال حسن صحيح , الألباني صححه 896 في صحيح الترغيب ومعنى وضع له أي ترك له شيئا مما له عليه
[3] صححه الألباني في صحيح الجامع 6108
[4] صححه الألباني في صحيح 11053
[5] الطبراني في الكبير , صححه الألباني 897 في صحيح الترغيب