آية لوسيلة الإقناع الإيماني بسلطة القضاء والقدر
ومن أجل الإقناع بهذه الحقيقة من حقائق القضاء والقدر لملء قلوب المؤمنين بالسعادة ومنحهم خلق السماحة وأبعادهم عن كل كآبة تكاثرت نصوص القرآن والسنة
لتبيان هذه الحقيقة التي تمثل أساساً عظيماَ من أسس الإيمان فمنها قوله تعالى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)} [الحديد: 22، 23]
ففي هذه الآية يبين الله لعباده حقيقة من حقائق القضاء والقدر والعلم الرباني السابق للأحداث وهذه الحقيقة تتلخص بان جميع المصائب وجميع النعم التي ينالها الناس في الحياة سواء نزلت في الأرض أو نزلت في الأنفس هي مكتوبة في كتاب علم الله وقضائه من قبل آن يبرا الله الأنفس أي من قبل أن يخلقها فهي لابد حاصلة لا يمكن ردها ولا دفعها وهذا الأمر في ضمن تراتيب القضاء والقدر أمر يسير على الله وليس بعسير .
ولقد أعلمنا الله بهذه الحقيقة من حقائق القضاء والقدر لنتقبل مقادير الله بسماحة نفس راضين عن الله مستسلمين آلية عالمين بان لله حكما عظيمة في كل مقاديره ولنتقبل مصائب المقادير الربانية بالصبر ونتقبل نعم المقادير الربانية بالشكر مبتعدين عن الفرح المبطر الذي يولد في النفوس رذيلتي الاختيال والفخر وذلك بالتكبر على خلق الله وبالطغيان الذي يولده الشعور بالاستغناء .
وفي صدر الآية الأولى حذف دل عليه ما جاء في الآية الثانية وتقدير الكلام : ما أصاب من مصيبة ولا نزل من نعمة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبراها لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم
والفرح المذموم : هو البطر المخرج عن حد الاعتدال والذي يتولد عنه الفخر على الناس والاختيال عليهم