الصفحة الرئيسية السلوك الإيمان الإدمان وعلاجه  
مجالات البلاء

بلاء بالنعم

مجالات البلاء

بلاء بالخير والشر

بالحسنات والسيئات

بلاء بالآخرين

بلاء بالنعم

 

البلاء بالنعم والنقم

الله تعالى يختبر البشر بالمصائب تارة وبالنعم أخرى ، فينظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط , فينظر كيف يكون شكر العبد وصبره , يختبر العبد بما يحب لينظر كيف شكره ، وبما يكره لينظر كيف صبره

إن الابتلاء سنة ربانية ماضية ، هي من مقتضيات حكمة الله سبحانه وعدله ، وسنة الابتلاء تكون في مجالات كثيرة

كالبلاء بالشدة والرخاء ، والصحة والفقر ، والغنى والفقر ، والحلال والحرام ، والطاعة والمعصية ، والهدى والضلال , وبالقهر واللطف والفراق والوصال والإدبار والإقبال والجهل والعلم

والرغبة والرهبة ، والقبض والبسط إلى غير ذلك , فينبغي له التثبت في كل عمل يحطه عن درجته ، {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } فيجازي العبد بأعماله حسنها وسيّئها , {لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى }[النجم:13] فعليه أن يكون في طاعة الله وحيث أمره الله ، فهو خير له ، فإن الموت لا بد منه ولا محيد عنه ، ثم إلى الله المرجع والمآب ، فمن كان مطيعاً له جازاه أفضل الجزاء ، ووافاه أتم الثواب

فاختبار الله تعالى للعباد تارة بالمسار ليشكروا , وتارة بالمضار ليصبروا , فالمنحة والمحنة جميعاً بلاء , فالمحنة مقتضية للصبر , والمنحة مقتضية للشكر ( [1] )

البلاء بالنعم النجاح فيه بالشكر أي توجيه النعم لطاعة الله

البلاء بالنقم النجاح فيه بالصبر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’’ عجبا لأمر المؤمن إن أمره له كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ‘‘ ( [2] )

’’عجبت من قضاء الله للمؤمن إن أصابه خير حمد وشكر وإن أصابته مصيبة حمد وصبر فالمؤمن يؤجر في كل أمره ‘‘[3]

وكان صلى الله عليه وسلم’’ يذكر العافية وما أعد الله لصاحبها من عظيم الثواب إذا هو شكر ويذكر البلاء وما أعد الله لصاحبه من عظيم الثواب إذا هو صبر‘‘ [4]

قوله (أفلا أكون عبدا شكورا) تقدم شرحه مع شرح بقية الحديث مستوفى في أوائل أبواب التهجد، ووجه مناسبته للترجمة أن الشكر واجب وترك الواجب حرام، وفي شغل النفس بفعل الواجب صبر على فعل الحرام، والحاصل أن الشكر يتضمن الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية، قال بعض الأئمة: الصبر يستلزم الشكر لا يتم إلا به، وبالعكس فمتى ذهب أحدهما ذهب الآخر، فمن كان في نعمة ففرضه الشكر والصبر، أما الشكر فواضح وأما الصبر فعن المعصية، ومن كان في بلية ففرضه الصبر والشكر، أما الصبر فواضح وأما الشكر فالقيام بحق الله عليه في تلك البلية، فإن لله على العبد عبودية في البلاء كما له عليه عبودية في النعماء، ثم الصبر على ثلاثة أقسام: صبر عن المعصية فلا يرتكبها، وصبر على الطاعة حتى يؤديها، وصبر على البلية فلا يشكو ربه فيها، والمرء لا بد له من واحدة من هذه الثلاث، فالصبر لازم له أبدا لا خروج له عنه، والصبر سبب في حصول كل كمال، وإلى ذلك أشار صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الأول ” إن الصبر خير ما أعطيه العبد ” وقال بعضهم: الصبر تارة يكون لله، وتارة يكون بالله، فالأول الصابر لأمر الله طلبا لمرضاته فيصبر على الطاعة ويصبر عن المعصية، والثاني المفوض لله بأن يبرأ من الحول والقوة ويضيف ذلك إلى ربه، وزاد بعضهم الصبر على الله، وهو الرضا بالمقدور، فالصبر لله يتعلق بإلهيته ومحبته، والصبر به يتعلق بمشيئته وإرادته، والثالث يرجع إلى القسمين الأولين عند التحقيق، فإنه لا يخرج عن الصبر على أحكامه الدينية وهي أوامره ونواهيه، والصبر على ابتلائه وهو أحكامه الكونية والله أعلم[5]

الصابر على البلاء بالنقم له البشرى

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ} [ البقرة 155 ]

أخبر الله الـمؤمنـين أن الدنـيا دار بلاء ، وأنه مختبرهم فـيها ، وأمرهم بـالصبر وبشرهم ، فقال: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وأخبرهم أنه فعل هكذا بأنبـيائه وصفوته لتطيب أنفسهم ، وقال {مَسَّتْهُم البَأْسَاءُ والضَّرَّاءُ وزُلْزِلُوا}

ومعنى قوله: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ: ولنـختبرنكم. وقد أتـينا علـى البـيان عن أن معنى الابتلاء الاختبـار فـيـما مضى

تصنع الصبر يبلغ الصبر

قال رسول الله صلى الله عليه من يتصبر يصبره الله ، ولن تعطوا عطاء خيراً أوسع من الصبر الصبر‘‘( [6] )

لَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر 10]

وَلقَولَ عُمَرُ ’’وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ‘‘[7]

يدخل في هذا المواظبة على فعل الواجبات والكف عن المحرمات ، وذلك ينشأ عن علم العبد بقبحها وأن الله حرمها صيانة لعبده عن الرذائل ، فيحمل ذلك العاقل على تركها ولو لم يرد على فعلها وعيد ، ومنها الحياء منه والخوف منه أن يوقع وعيده فيتركها لسوء عاقبتها وأن العبد منه بمرأى ومسمع فيبعثه ذلك على الكف عما نهى عنه ، ومنها مراعاة النعم فإن المعصية غالبا تكون سببا لزوال النعمة ، ومنها محبة الله فإن المحب يصير نفسه على مراد من يحب

نذهب للزهد ونستخلص منه علاج للفقر

{وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ ءابَاءنَا ٱلضَّرَّاء وَٱلسَّرَّاء فَأَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }[الأعراف:59] يقول تعالى: ابتليناهم بهذا وهذا ليتضرعوا وينيبوا إلى الله فما نجع فيهم لا هذا ولا هذا ولا انتهوا بهذا ولا بهذا، بل قالوا: قد مسنا من البأساء والضراء ثم بعده من الرخاء مثل ما أصاب آباءنا في قديم الزمان والدهر، وإنما هو الدهر تارات وتارات، بل لم يتفطنوا لأمر الله فيهم و لا استشعروا ابتلاء الله لهم في الحالين، وهذا بخلاف حال المؤمنين الذين يشكرون الله على السراء ويصبرون على الضراء كما ثبت في الصحيحين

«عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له»

فالمؤمن من يتفطن لما ابتلاه الله به من الضراء والسراء، ولهذا جاء في الحديث

«لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يخرج نقياً من ذنوبه، والمنافق مثله كمثل الحمار لا يدري فيم ربطه أهله ولا فيم أرسلوه»

أو كما قال، ولهذا عقب هذه الصفة بقوله {فَأَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }[الأعراف:

ابن كثير

{فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبيۤ أَكْرَمَنِ * وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبيۤ أَهَانَنِ * كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ * وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً * وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً }

يقول تعالى منكراً على الإنسان في اعتقاده إذا وسع الله تعالى عليه في الرزق ليختبره في ذلك، فيعتقد أن ذلك من الله إكرام له وليس كذلك بل هو ابتلاء وامتحان كما قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِى ٱلْخَيْرٰتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ }[المؤمنون:55، 65] وكذلك في الجانب الآخر إذا ابتلاه وامتحنه وضيق عليه في الرزق يعتقد أن ذلك من الله إهانة له، كما قال الله تعالى: {كَلاَّ } أي ليس الأمر كما زعم لا في هذا ولا في هذا، فإن الله تعالى يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ويضيق على من يحب ومن لا يحب، وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين: إذا كان غنياً بأن يشكر الله على ذلك وإذا كان فقيراً بأن يصبر،


 


[1] قيل لعل فتنة البسط أشد من فتنة القبض فليتحفظ هناك أشد تحفظ وقيل القيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر فالمنحة أعظم البلاءين ، وبهذا النظر قال عمر رضي الله عنه: بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نصبر ، ولهذا قال علي رضي الله عنه من وسع عليه دنياه فلم يعلم أنه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله

[2] مسلم

[3] أحمد , النسائي

[4] الطبراني في الصغير 1/192

[5] ابن حجر في الفتح في باب الصبر عن محارم الله

[6] البخاري , مسلم

[7] المسند , صحح إسناده ابن حجر في الفتح

 

بلاء بالنقم

بلاء بأقدار الله المؤلمة

بلاء بالنفس

بلاء بالشيطان