قصة أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم
وهو الذي كفل رسول الله بعد موت جده عبد المطلب الذي كان يكفله حتى توفي وله من العمر ثمان سنين
فكفله أبو طالب ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقره ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان
فمن نصرته للنبي أنه صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى الكعبة يوما وأراد أن يصلي فلما دخل في الصلاة قال أبو جهل لعنه الله من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته فقام ابن الزبعري فأخذ فرثا ودما فلطخ به وجه النبي صلى الله عليه وسلم فانتفل النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته ثم أتى أبا طالب عمه فقال يا عم ألا ترى ما فعل بي فقال أبو طالب من فعل هذا بك فقال النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن الزبعري فقام أبو طالب ووضع سيفه على عاتقه ومشي معه حتى أتى القوم فلما رأوا أبا طالب قد أقبل جعل القوم ينهضون فقال أبو طالب والله لئن قام رجل لجللته بسيفي فقعدوا حتى دنا إليهم فقال يا بني من الفاعل بك هذا فقال عبد الله بن الزبعري فأخذ أبو طالب فرثا ودما فلطخ به وجوههم ولحاهم وثيابهم وأساء لهم القول فنزلت هذه الآية وهم ينهون عنه وينأون عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عم نزلت فيك آية قال وما هي قال تمنع قريشا أن تؤذيني وتأبى أن تؤمن بي فقال أبو طالب والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وابشر بذاك وقر منك عيونا ودعوتني وزعمت أنك ناصحي فقد صدقت وكنت قبل أمينا وعرضت دينا قد عرفت بأنه من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك يقينا [4]
وكان أبو طالب يرسل كل يوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزل والله يعصمك من الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عماه إن الله قد عصمني من الجن والإنس فلا أحتاج إلى من يحرسني [5]
وعندما جاء موت أبو طالب أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينفعه لما قدمه من نصرة لرسول الله في دعوته
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : {لما حضرت أبا طالب الوفاة أتاه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي عم إنك أعظمهم علي حقاً وأحسنهم عندي يداً ولأنت أعظم حقاً علي من والدي فقل كلمة تجب لك علي بها الشفاعة يوم القيامة قل لا إله إلا الله
فقالا له أبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فسكت فأعادها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنا على ملة عبد المطلب فمات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فأنزل الله عز وجل : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ(113) } التوبة }[6]
التوبة لا تنفع عند الغرغرة لكن رسول الله وعده بالشفاعة إن أتى بكلمة التوحيد وأبو طالب يعلم أنها الكلمة الحق وتحركت شفتاه يريد أن يأتي بها فلم يهنيه صديق سوئه أبو جهل على الإتيان بها ويعرف مداخله فقال له أتترك دينك ودين آبائك ؟ قال لا . بل على ملة عبد المطلب , ومات أبو طالب على الكفر ويخلد في النار بسبب من ؟ بسبب صديق السوء
فنفوس أصدقاء السوء لا تهدأ إذا وجدت إنسان يترك السوء ويبتغي الصلاح حتى ترده مرة أخرى للسوء كما حدث لعقبة بن أبي معيط
[4] القرطبي 6/380
[5] القرطبي 6/231
[6] الحاكم 2 / 336 وصححه وفقه الذهبي , صححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2035