عقبة بن أبي معيط كان من وجهاء قريش
وكان هو وأمية بن خلف الجمحي خليلين , وكان عقبة يجالس النبي صلى الله عليه وسلم , بمكة لا يؤذيه ، وكان رجلاً حليماً ، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه ، وكان قد صنع وليمة فدعا إليها قريشا , ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأتيه إلا أن يسلم , وكره عقبة أن يتأخر عن طعامه من أشراف قريش أحد فأسلم ونطق بالشهادتين , فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل من طعامه وكان خليل أبي معيط أمية بن خلف غائب عنه بالشام فقالت قريش: صبأ أبو معيط ، وقدم خليله من الشام ليلاً ، فقال: ما فعل خليلي أبو معيط؟ فقالت: صبأ، فبات بليلة سوء ، فلما أصبح أتاه أبو معيط ، فحياه ، فلم يردّ عليه التحية ، فقال: مالك لا تردّ عليّ تحيتي؟ ، فقال: كيف أردّ عليك تحيتك ، وقد صبوت؟ قال: أو قد فعلتها قريش؟ قال نعم ، فقال عقبة: رأيت عظيما ألا يحضر طعامي رجل من أشراف قريش , فقال له أمية: وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا قال أبو معيط : فما يبريء صدرك إن أنا فعلته؟ فقال له خليله: لا أرضى حتى ترجع وتأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه ، وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم وتبصق فى وجهه وتطأ عنقه وتقول كيت وكيت ففعل عدو الله ما أمره به خليله , طاعة لخليله وإرضاءً له ولما بصق عقبة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه , حتى أثر في وجهه وأحرق خديه , فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل , فنذر النبي صلى الله عليه وسلم قتله فلما كان يوم بدر ، وخرج أصحابه أبى أن يخرج ، فقال له أصحابه: أخرج معنا ، قال: وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً من جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك ، فلو كانت الهزيمة طرت عليه ، فخرج معهم ، فلما هزم الله المشركين ، وحمل به جمله في جدود من الأرض ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في سبعين من قريش ، وقدم إليه أبو معيط ، فقال: أتقتلني من بين هؤلاء؟ قال: نعم بما بزقت في وجهي ، فأنزل الله في أبي معيط { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ (29) } الفرقان
فقتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر صبرا , وقتل أمية في المعركة
فكان هذا من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم , لأنه خبر عنهما بهذا فقتلا على الكفر
أشر الرجال رجل قتل نبي أو قتله نبي [7]
فلينظر كيف يؤثر صديق السوء على صديقه فيجعله يطيعه في فعل أي شيء يرضيه ولو كان هذا الشيء إيذاء نبي
أبو معيط ارتد بعد أن أتى بالشهادة ومات على الكفر والشرك ويخلد في النار بسبب من ؟ بسبب صديق السوء
ألم يكن فعل صديق السوء أمية بن خلف بصاحبه عقبة يشابهه فعل صديق السوء الذي لا يترك صاحبه حتى يكره في أهل الطاعة والصلاح والدين وأهله ويصرفه عن الصلاة حتى يتركها بالكلية والرسول صلى الله عليه وسلم يقول { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر } [8]
فالذي يموت على ترك الصلاة كافر يخلد في النار
ليس هناك فرق بين فعل صديق السوء الذي يجعل صاحبه يموت على ترك الصلاة فيخلد في النار وبين فعل أمية بن خلف أو أبو جهل بن هشام إنها كلها نفوس فيها خبث والاختلاف في الإمكانيات وأحوال كل منهم
فعلى المرء أن يجتنب أصدقاء السوء ولا يغتر ويقول أنا مصر على الصلاح وهؤلاء لا يستطيعون أن يزعزعوا عزيمتي فهذا لا بد له من اجتناب أصدقاء السوء فأنه متى أتتهم الفرصة يلعبوا برأسه ويفسدوا
عليه عزمه على صلاح حاله وقد حدث مثل هذا مع الأعشى
[7] الشوكاني في تفسير الآية 26 من سورة الفرقان وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل بسنده قال السيوطي صحيح وقد جمعت هذه القصة من مجموعة روايات
[8] الترمذي 2621 وقال هذا حديث حسن صحيح , صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 1079