قصة اعتراض النساء على المواريث
الدليل الأول :
قصة اعتراض النساء على المواريث
لما نزلت آية المواريث والتي أعطت للذكر مثل حظ الأنثيين بعض النساء تمنين منازل الرجال وأن يكون لهن مالهم فتمنى النساء أن لو جُعل أنصباؤهن كأنصباء الرجال , وقالوا نحن أحوج لأن يكون لنا سهمان وللرجال سهم واحد , لأنا ضعفاء وهم أقوياء وأقدر على طلب المعاش منا وذكر عن أم سلمة أنها قالت { يغزو الرجال ولا يغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله تعالى {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ (32)} النساء} [24]
وكانت أم سلمة أول امرأة قدمت المدينة مهاجرة فنهى الله عباده عن الأماني الباطلة وأمرهم أن يسألوه من فضله , إذ كانت الأماني تورث
أهلها الحسد والبغي بغير الحق
فأمرهم ألا يشتهوا ما فضل الله به بعضكم على بعض , إنكاراً على اعتراضهم
وقال تعالى { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ (32)} النساء
قال ابن عباس المراد بذلك الميراث والاكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة للذكر مثل حظ الأنثيين فنهى الله عز وجل عن التمني على هذا الوجه لما فيه من دواعي الحسد , لأن صنف النساء لا يملك تعديل هذه الأنصبة بالسعي والعمل
فتمني النساء هنا من قبيل تمني الأشياء التي لا يمكن اكتسابها أو تحقيقها بالمجهود لأن أنصبة المواريث مما شرعه الله
لأن الله تعالى أعلم بمصالحهم منهم فوضع القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم فجعل نصيب الرجل لمراعاة مسؤوليات الذكر في الحياة فهو المسؤول عن معظم النفقات داخل الأسرة متى كان قادر فعليه المهر وتأسيس البيت والإنفاق على الملبس والمأكل وغير ذلك والمرأة ليست عليها إنفاق , ولا على نفسها إنفاق سواء وهي في بيت أبوها أو في بيت زوجها , أما إن كان معها وتنفق من طيب خاطر
فهذا من طيبها
{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا(32)} النساء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{سلوا الله من فضله فإنه يحب أن يسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج}[25]
فالمسلم متى وجد نعمة على أخيه ولا يستطيع أن يصل إليها بكسبه فلينته عن التمني ويسأل الله أن يعطيه من فضله مثلها أو أفضل منها
وهذا الدليل دل بوضوح على الضابط الأول لحسد الغبطة المأذون به شرعا ًوهو أن تكون النعمة مما يمكن اكتسابها بالسعي والعمل
فبعض الأمور كالمنزلة والجاه والمال وغير ذلك , قد تكون ذريعة إلى التحاسد والتعادي , عند عدم رضا الإنسان بما قسم الله له, وتشهيه لحصول ما لم يقدره الله له , دون أن يطلبه من الله , أمر مذموم , فتمنى الإنسان ما لم يقدر عليه , هو معارضة لحكمة القدر , ومحال تنفيذه , ومن يقع في مثل هذا , أي يتمنى ما لا يستطيع أن يبلغه بكسبه , ويشتد هذا التمني لديه ويملأ ساحة فكره ونفسه , يتجه إلى التعويض فيحاول إبراز نفسه بالاستكبار أو بالافتخار على الناس بالمال والجاه فيسلك مسالك الكذب والشر ولأذى ومعصية الله كما حدث من قارون وإيذائه لموسى كما في القصة التالية
[24]المسند 6/322 , الترمذي 3022 , صححه الألباني في صحيح الترمذي 3/38
[25] أبو نعيم في الحلية 1/127 والمنذري 2438 قال حديث أبو نعيم أشبه بالصحة وكذا قال الألباني في ضعيف الجامع 3571