قال صلى الله عليه وسلم:
{ ثلاث دعوات لا ترد دعوة الوالد , دعوة الصائم ، دعوة المسافر}[60]
قال صلى الله عليه وسلم:
{ ثلاث دعوات مستجابات الوالد , المظلوم ، المسافر }[61]
فدعوة الوالد مستجابة سواء لولده أو عليه ولم يذكر الوالدة لأن حقها أعظم فدعاؤها أولى بالإجابة
ويقول صلى الله عليه وسلم:
{ ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ }[62]
قال صلى الله عليه وسلم:
{ ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ، ودعوة
المسافر ، ودعوة الْوَالِدِ على وَلَدِهِ }[63]
فقد يسيئ الابن إلى أبيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة وخاصة عندما يرتكب الابن معاصي كاللواط والمخدرات ويظن أنها قاصرة عليه ولا يضر بها أحد معه وهو بارتكابها قد أساء إلى والديه فكأنه يقول لهما وللمجتمع أن والديه لم يحسنوا تربيته
وعند ذلك قد يَدعُ عليه أبويه أو أحدهما نتيجة لما سببه لهما من مشاعر وأحاسيس يصعب عليهما تحمله
بل قد يكون انشغال الابن عن مؤانسة والديه سبباً لغضبٍ قد يحدث معه دعاء فيه ضرر على الابن ودعائها على الابن مجاب كما حدث من أم جريج في القصة التالية وفيها
كان رجل في بني إسرائيل تاجرا يقال له جريج وكان ينقص مرة ويزيد أخرى فقال ما في هذه التجارة خير , لألتمسن تجارة هي خير من هذه فبنى صومعة وترهب فيها
وكانت أمه تأتيه فتناديه فيشرف عليها فيكلمها فأتته يوما وهو في صلاته , فنادته قالت أي جريج أشرف علي أكلمك أنا أمك
فقال أجيبها أو أصلي , أمي وصلاتي أي اجتمع علي إجابة أمي وإتمام صلاتي فوفقني لافضلهما , (جاءته ثلاث مرات تناديه في كل مرة ثلاث مرات) , وهو يقول أمي وصلاتي لربي , أوثر صلاتي على أمي , وكل ذلك قاله في نفسه , لو كان جريج عالما لعلم أن إجابة أمه أولى من صلاته , فغضبت وقالت اللهُم إن هـذا جريج. ابْنِي. وإني كلمته فأبَى أَن يُكلمنِي اللهم لا يموتن جريج حتى ينظر في وجوه المومسات , قالت اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات ولودعت عليه أَن يُفْتَنَ لَفُتن
فذكر بنو إسرائيل عبادة جريج فقالت بغي منهم إن شئتم لأفتنته , قالوا قد شئنا , قيل أنها كانت بنت ملك القرية , خرجت من دار أبيها بغير علم أهلها متنكرة وكانت تعمل الفساد إلى أن ادعت أنها تستطيع أن تُفتن جريحا فاحتالت بأن خرجت في صورة راعية ليمكنها أن تأوي إلى ظل صومعته لتتوصل بذلك إلى فتنته , فأتته فتعرضت له فلم يلتفت إليها فكلمته فأبى فأتت راعيا كان يؤوي غنمه إلى أصل صومعة جريج فأمكنته من نفسها , فحملت حتى انقضت أيامها فولدت
فسُئِلت ممن هذا فقالت هو من صاحب الصومعة , جريج الراهب نزل إلي فأصابني
فذهبوا إلى الملك فأخبروه قال أدركوه فأتوني به , فأقبلوا بفئوسهم إلى الدير فنادوه فلم يكلمهم فأقبلوا يهدمون ديره , فما شعر حتى سمع بالفئوس في أصل صومعته فجعل يسألهم فلم يجيبوه , وضربوه فقال ما شأنكم قالوا أنك زنيت بهذه
فقال له الملك ويحك يا جريج كنا نراك خير الناس فأحبلت هذه اذهبوا به فاصلبوه فجعلوا يضربونه ويقولون مراء تخادع الناس بعملك , فتولوا عنه فصلى ركعتين , فلما أدخل على ملكهم قال جريج أين الصبي الذي ولدته فأتى بالمرأة والصبي وفمه في ثديها , ثم أتى الغلام فطعنه بإصبعه فقال بالله يا غلام من أبوك فنزع الغلام فاه من الثدي فقال أنا ابن الراعي , وقال للمرأة أين أصبتك قالت تحت شجرة فأتى تلك الشجرة فقال يا شجرة أسألك بالذي خلقك , من زنى بهذه المرأة فقال كل غصن منها راعي الغنم
فوثبوا إلى جريج فجعلوا يقبلونه , فأبرأ الله جريجا وأعظم الناس أمر جريج فقالوا نبني ما هدمنا من ديرك قال له الملك نبنيها من ذهب قال لا قال من فضة قال لا ولكن أعيدوه كما كان من طين ففعلوا فردوها فرجع في صومعته فقالوا له بالله مم ضحكت , فقال ما ضحكت إلا من دعوة دعتها علي أمي [64]
أم جريج أتت إليه تستأنس به سعيدة بصلاح ابنها فكان الصواب في حق جربج إجابة أمه لأنه كان في صلاة نفل والاستمرار فيها تطوع لا واجب ، وإجابة الأم وبرها واجب وعقوقها حرام فلو كان جريج عالما لعلم أن إجابة أمه أولى من صلاته لكنه كان لا يعلم ذلك ولعظم أمر الصلاة فضلها وانشغل بها على أمه فحزنت من عدم تطلع الابن لها لانشغاله بالصلاة مع إنه في عباده إلا إنها دعت عليه فكيف لو انشغل أبنها عن مؤانستها بمعصية كالإدمان مثلاً الذي يشغل صاحبه بالسكر
والخِمار عن كل شيء وليس أمه فقط أليس ذلك بأشد على نفس أمه ,
الشريعة جعلت حقها على الابن أن يخرج من الصلاة(النافلة) ليجيبها
وهذا لا يريد أن يخرج من سكره ليجيبها , ماذا يحدث له إذا دعت عليه أمه ودعائها مستجاب وحالتها هذه أشد من حالة أم جريج [65]
والمنشغل عن أمه هنا ليس من أصحاب الأعمال الصالحة ممن يجعل لهم الله خوارق للعادة , فالله تعالى يجعل لأوليائه بعد ابتلائهم مخارج كرامات لأوليائه كما خرق لجريج من العادة في نطق المولود بشهادته له بذلك وقوله أبي فلان الراعي أما المنشغل عن أمه بمعصية كيف يكون حاله إذا دعت عليه أمه ودعائها مجاب
ختاما
ً هذا استدراك لمن مات له أحد والديه أو كلاهما وهو لهما عاق
من مات والداه أو أحدهما وقد قصر ببرهما في حياتهما وندم على ما فرط وخاف من عاقبة العقوق ، فليعلم أن باب الإحسان بهما مفتوح وبإمكانه أن يدرك شيئا ولو قليلا من البر بعد موتهما لعل الله تعالى أن يعفو عنه ويرضى عنه والديه ، من ذلك الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة والصدقة عنهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام أصدقائهما وإنفاذ عهدهما ، فإن هذه الأعمال مما يفرح به الوالدان بعد موتهما لتخفيف ما عليهما من سيئات وزيادة في الحسنات [84]
[83] ابن حبان موارد الظمأن 409 , حسنه الألباني في صحيح الترغيب 2492
[84] قال النبي صلى الله عليه وسلم
{إن العبد ليموت والداه أو أحدهما وإنه لهما لعاق فلا يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى يكتبه الله باراً} الألباني في المشكاة 4942 قال فيه متهمان , عزاه التبريزي لشعب الإيمان
[60] البيهقي 3/345 , الضياء المختارة 1/108 , صححه الألباني في الصحيحة 1797
[61] أبو داوود 1536 المسند 4/154 , صححه الألباني في الصحيحة 596
[62] ابن ماجة 3862 , صححه الألباني في الصحيحة 596
[63] الترمذي 3448 وحسنه , حسنه الألباني في رياض الصالحين 987
[64] من جمع رواية البخاري 3436 و مسلم 16/321 – 324 وغيرهما والروايات ذكرها ابن حجر فتح الباري 6 /554
[65] وهذه رواية من الروايات بدون جمع لمسلم{كان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة فكان فيها فأتته أمه وهو يصلى فقالت يا جريج فقال يا رب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته فانصرفت فلما كان من الغد أتته وهو يصلى فقالت يا جريج فقال يا رب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته فانصرفت فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت يا جريج فقال أي رب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات , فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته وكانت امرأة بغى يتمثل بحسنها فقالت إن شئتم لأفتننه لكم , فتعرضت له فلم يلتفت إليها فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت هو من جريج فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه فقال ما شأنكم قالوا زنيت بهذه البغي فولدت منك فقال أين الصبي فجاؤوا به فقال دعوني حتى أصلى فصلى فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال يا غلام من أبوك قال فلان الراعي , فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به وقالوا نبني لك صومعتك من ذهب قال لا أعيدوها من طين كما كانت ففعلوا }
مسلم 16/321 – 324 , البخاري 3436