الرجل يقدم الولود الودود وإن جمعت صفات أخرى
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
{يا رسول الله إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب ومال إلا أنها لا تلد أفأتزوجها فنهاه ثم أتاه الثانية فقال له مثل ذلك ثم أتاه الثالثة فقال له تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم}[83]
الودود كثيرة المحبة للزوج ويعرف ذلك بحال قريباتها وأيضاً وبحال قريباتها تعرف الولود كثيرة الولادة في البكر من أم وجدات وخالات وأخوات ونحو ذلك [84]
ولِما في المحبة من الود مع كثرة الأولاد من سعادة ونعيم , رغبت الشريعة في طلب الولود عند الإقدام على الزواج , لاستمرار الحياة الزوجية , لأن كثير من الرجال عندما يتزوج ويجد أن زوجته لا تنجب , يسعى في الزواج من أخرى وهذا جيد لأن عنده مطلب يبتغي أولاد , ثم يفارق المرأة التي لا تنجب ولا يمسكها كزوجة له مع الزوجة الجديدة وهو قادر على ذلك , لكنه يطلقها وينسى أن ما هي عليه من عند الله وليس بُخطرها ولو كان غير قادر على أن يتحمل الأنفاق على زوجتين لكان فعله صحيح
فمثل هذا الرجل كان عليه أن يحمد الله على أن الله لم يقدر أن يكون هو الذي حرم من الإنجاب
والرجل الذي يجد بعد زواجه أن الله قدر أن تكون زوجته عقيم فيمسكها اقتداء بأنبياء الله إبراهيم وزكريا عليهما السلام فقد كان حال زوجتهما يماثل حال زوجته في العقم , وصبرا على ذلك حتى كبر سنهما ثم أصلح الله لهما زوجاتهما لاستسلامهما لقضاء الله وقدره , ورضاً بما أذن به الله , وتفويض الأمر لله , مع طلبهما الولد من الله بيقين , لأنه هو الذي يهب من يشاء الذكور والإناث ويجعل من يشاء عقيماً
فهذا قد يكون أفضل في حق الرجل الذي يعلم من نفسه أنه يستطيع أن يصبر ويتحمل ذلك أو الذي أنفق كل ما يملكه على الزواج وليس بوسعه أن يتزوج زوجة أخرى
والشريعة تحث المرء على الصبر على أقدار الله المؤلمة والصبر هنا أفضل لأنه عبادة أما الطلاق فهو مكروه وليس عبادة يتعبد بها
[83] أبو داود 2050, الحاكم 2/162 وصححه , صححه الألباني في صحيح الترغيب 1921
[84] البسام توضيح الأحكام 4/348