علاج الشوق عند المدمنين
كيفية التعامل مع الشوق لدفع الأفكار حتى لا تثبت في الصدر فيضعف أمامها
المحور الثالث التعامل مع الشوق
دفع الأفكار حتى لا تثبت في الصدر فيضعف أمامها
الإنسان لا يستطيع أن يمنع الأفكار من أن تهاجمه لكن يملك أن يدفعها وينبغي عليه الحذر من التسلسل في الأفكار حتى لا تثبت في الصدر ويضعف أمامها
ولا بد له أن يتعامل معها فيقاومها بمهارة شرعية حتى لا تتغلب عليه فيضعف معها وتنقلب إلى عمل
لذا على الإنسان الذي يهاجمه الشوق أن يعمل على تحويل طاقته الفكرية المنصبة في الشوق إلى طاقة فكرية في الإقبال على الله فإن ذهب الشوق فالحمد لله وإن كان لازال سعى لتحويل طاقة الشوق الفكرية إلى طاقة عملية في الإقبال على الله فإن ذهب الشوق خير ونعمة فإن لم يذهب غير الأحوال التي عليها فإن لم يستطع فعل ذلك بنفسه واحتاج مساعدة يطلب المساعدة على التوضيح الأتي :
1- تحويل الطاقة الفكرية المنصبة في الشوق إلى الإقبال على الله
يسعى الإنسان في تحويل الطاقة الفكرية التي تراوده في المعصية إلى طاقة فكرية في الإقبال على الله وذلك من خلال :-
* كثرة الاستعاذة الصادقة من الشيطان ومن شره وشر هذه الأفكار
* دعاء الله بالتثبت على الطاعة , دعاء الله أن يلهم الله نفس العبد
تقواها ويزكيها هو خير من زكاها
* التفكر في أمور الآخرة وخاصة الوقوف بين يدي رب العالمين الذي لا تخفى عليه خافية للحساب
2- تحويل طاقة الشوق الفكرية إلى طاقة عملية في الإقبال على الله
يسعى الإنسان في تحويل الطاقة الفكرية التي تراوده في المعصية إلى طاقة عملية في الإقبال على الله مثل :-
* الوضوء والصلاة
* قراءة القرآن
* سماع الأشرطة الدينية أو كلمات الوعظ , أو النصائح الطيبة
فإن ضَعِف الشوق وانتهى فخير ونعمة وأما إن استمر الشوق فينتقل لتغير الأحوال
3- تغير الأحوال والحذر من الإنفراد
يسعى الإنسان إلى تغير الأحوال والحذر من الإنفراد مع هذه الأفكار ويكون بالآتي
* الذهاب إلى شخص يوقره أو يستحي منه ويخشى أن يعلم عنه سوء أو أنه عاد إلى السوء فإن مع التواصل في الحوار ينصرف فكره فيقل شوقه
* الجلوس مع الوالدين لمؤانساتهما ، فأن مع التواصل في الأحاديث ينصرف فكره فيقل شوقه أيضاً , وكذلك في الذهاب لصلة رحمه لبرهم وإيصالهم
وكذلك في الذهاب للمسجد إن وافق حضور محاضرة أو درس ديني
فهذا الأمور مما تعين على كبت المعصية في النفس
وعندما يأتي المرء بهذه الأمور وهو على يقين بالله وحسن ظنه به فأن الله سيصرف عنه السوء
ومن اشتغل عن المعصية بشيء من هذه الأمور فهو مثاب
ومن كان لا يستطيع أن يأتي بهذه الأمور بنفسه فله طلب المساعدة من الآخرين وكذلك لو أتى بهذه الأمور ولازال شوقه شديد فله أيضاً طلب المساعدة من الآخرين
4- طلب المساعدة من الأفراد أو الجماعات المساندة
* إن كان لابد له من طلب المساعدة من أفراد فله ذلك بشرطين
الشرط الأول : أن يكون الغالب على ظنه أن الذي سيساعده , سيساعده في طاعة الله حتى لا يخرجه من شوق المخدرات للوقوع في الزنى واللواط أو يدخله في المراوغات
الشرط الثاني : أن يكون الذي سيساعده لديه الخبرة في ذلك
فالذي يُطلب منه المساعدة لا بد أن يكون ناصح أمين عنده علم , ولا يطلب التوجيه أو النصح ممن لم يتوفر فيه الشرطين , فقد يكون ناصح لكنه جاهل فيضر , وقد يكون عنده علم لكنه ليس بناصح أمين فيضل ولا يهدي , وهذا يتضح في قصة الرجل الذي كان على معصية وأراد أن يتعافى منها وطالب المساعدة فوقع مع الجاهل فزادت معصيته ووقع مع العالم فوجهه إلى طريق الجنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُلّ على راهب فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة ؟ فقال :لا فقتله فكمّل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُلّ على رجل عالم فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ، فقال : نعم ، ومن يحول بينك وبين التوبة ؟! انطلق إلى ارض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ، فانطلق حتى إذا نَصَفَ الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة :جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط ، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم ، فقال : قيسوا ما بين الأرضيين فإلى أيتها كان أقرب فهو من أهلها ، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة}[18]
وليُنتبه إلى أن الإنسان الذي يتعافى مثله أو يسبقه بقليل وفيه الخير أنه هو أيضاً ضعيف ليس لديه مهارات شرعية في التعامل مع هذه الحالات بل هو مثله يحتاج المساعدة
* طلب المساعدة من الجماعات المساندة كالرعاية اللاحقة بمستشفى الأمل أو جماعة المسجد بالحضور أو من خلال أي وسيلة اتصال لما لهما من خبرة ومهارات وثقة
وإخباره هنا عما يعانيه من الشوق لا يضيع أجره على الهم لأنه إخبار مما يعانيه حتى تقدم له المساعدة المناسبة لحالته
ويضاف إلى ما سبق معرفة أن لمدافعة الشوق حسنات عظيمة لأنه يأتي بأعمال صالحة كثيرة سواء بإقباله على الله بالوضوء والصلاة والأذكار أو ببر الوالدين وصلة الرحم والذهاب إلى المسجد لحضور محاضرات أو غير ذلك وكذا في طلب المساعدة على التخلص من مروادة المعصية
فكل هذا من باب عمل الحسنات التي لها مضاعفات عظيمة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل
{إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة فإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هو هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة أو محاها ولا يهلك على الله إلا هالك}[19]
وصاحب الشوق عليه أن يستحضر عواقب تحويل الشوق إلى عمل والإنجرار لانتكاسة فيهلك ولا يهلك على الله إلا هالك
يعني بعد هذا الفضل العظيم من الله والرحمة الواسعة منه بمضاعفة الحسنات والتجاوز عن السيئات لا يهلك على الله إلا من هلك وألقي بيده إلى التهلكة وتجرأ على السيئات ورغب عن الحسنات وأعرض عنها ولهذا قال ابن مسعود { ويل لمن غلبت وحداته عشراته }
عن ابن عباس مرفوعا { هلك من غلب واحده عشرا }
لأن السيئات تكتب واحدة والحسنات تكتب أقل شيء عشرة , فمن غلبت سيئاته التي هي واحدة حسناته التي هي عشرات فقد هلك
[18] البخاري 3470 مسلم 2766
[19] البخاري 6491 , مسلم 2/332